المقالات

المسؤولية على قدر العطية!!

يقول المثل الشعبي المكي الشهير: “المسؤولية على قدر العطية”.
إن مسؤولية القُرب من البيت العتيق والانتساب إليه والتشرف بخدمته مسؤولية كبيرة على من شرفه الله بأن يكون من أبناء هذه المدينة المقدسة، لذلك فإن المكيُّ يعرفُ حيث ذهب من العالم أن صفته المكية تمنحُهُ مكانةً وشرفًا، وخصوصيةُ وقدرًا.
لازالت كلمات الوالد -رحمه الله- في الذكرة عندما ذات يوم قال لي: معروف قديمًا لدى أبناء مكة المكرمة من المطوفين، أنه كان على الواحد منهم زيارة الحجاج في ديارهم الأصلية، فكان الواحد منهم إذا نزل ببلدٍ صار هو إمام الصلاة، والمفتي، والواعظ، والخطيب، والراقي، والمأذون الشرعي، والحكم في المشكلات، والمرجع عند النزاع… كلُّ ذلك لأنه من مكة المكرمة من جيران بيت الله العتيق. شخصيًا مرَّ بي هذا الموقف الذي يحقق هذا المعنى: كنت مرةً في زيارة للمركز الإسلامي في مستعمرة جبل طارق بإسبانيا، الذي بني علي نفقة الملك فهد بن عبد العزيز -يرحمه الله-، بعد انتهاء الصلاة جلست جانبًا بعد أن سلمت على الحاضرين وعرفتهم بنفسي.
في الأثناء هناك مجموعة في المسجد قد اختلفت في مسألة فقهيةٍ، التفت أحدهم وقال: هنا مكة المكرمة، الجواب عند هذا الرجل المكي!!
ما أردت التأكيد عليه هنا أن مسؤولية ابن مكة المكرمة ليست مقتصرةً علي إكرام ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والقيام بشؤونهم وخدمتهم فقط، إنها مسؤولية يجب أن تنعكس على سلوكه، وأخلاقه، وأمانته، ومثله، وقيمه، وتعامله مع الآخرين.
يجب عليه أن يدرك أنه في عُرف العالم الإسلامي كله أنه (ابن الصحابة)، وهذا النسب وإن كان معنويًا هو مسؤولية ثقيلة تُوجب عليه أن يكون على قدرها، وأن يصوغ من ذاته شخصيةً جديرةً بشرف الانتساب للبيت العتيق أول بيت وضع للناس.
قال تعالي: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران :٩٦).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى