البروفسور (جيفري لانج)، من أبرز أساتذة الرياضيات في الولايات المتحدة الأمريكية، عمل أستاذًا في قسم الرياضيات بجامعة سان فرانسيسكو وبعدها انتقل إلى جامعة كنساس الأمريكية. ولد عام 1954م في عائلة مسيحية كاثوليكية، في سن الثامنة عشرة أصبح ملحدًا، عرف الإسلام طريقه إلى قلبه وعقله عام 1982م، فاعتنقه وقام بتأليف الكثير من المقالات والكتب حول الإسلام من أهمها “الصراع من أجل الإيمان” وكتاب “حتى الملائكة تسأل – رحلة الإسلام الي أمريكا”.
كان “لانج” يُعْرَف بنقاشاته حول الدين والإلحاد مع الطلبة في جامعته، وفي يوم وجد علي مكتبه نسخة من القرآن الكريم بالإنجليزية كان قد أهداها له أحد أصدقائه. لم يعر الكتاب الكريم اهتمامًا في البداية لكنه اضطر صدفة لقراءته للتسلية في غياب كتبه، ذكر أنه قرأه بتركيز أكثر، وقام بفحص المعاني آية بآية وسطر بسطر، وهنا كانت المفاجأة! في حديثه عن دخوله للإسلام، قال: إنه قرأ الفاتحة ثم بدأ بقراءة سورة البقرة (الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)، عندها شعر وكأن الله سبحانه وتعالي يخاطبه، وأُعجب بأسلوب القرآن القائم على الحوار وكيف تثار الأسئلة، وتليها الأجوبة ثم كانت الآيات التي غيرت كل شيء-والكلام للانج-وصلت إلى الآية الثلاثين، والتي تبدأ (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ)، الله سيخلق إنسانًا ويكلفه بمهمة نبيلة، قلت لنفسي مباشرة لابد أن القصة خطأ، الإنسان لم ينزل إلى الأرض للقيام بمهمة نبيلة، بل نزل إلى الأرض كعقاب، لأن هذا ما كنت أعرفه من موروثي الديني.
فكرة الاستخلاف في الأرض شدّت (لانج) ووجد أسئلة الملائكة مشابهة للأسئلة التي قادته للإلحاد، فواصل القراءة بحثًا عن أجوبة. وقال: حين أنهيت القرآن؛ كل الحجج التي أملكها ضد وجود الله، وكل الفرضيات التي بنيتها ضد وجوده واحدة واحدة رأيتها تتداعي أمامي. قراءة القرآن الكريم كانت تجربة جميلة ومؤثرة جدًا وشغلت تفكير (لانج) بعد ذلك.
بعدها قصد مصلي الطلبة في الجامعة؛ ليعيش لحظات لم ينساها أبدًا، فقد أراد بذلك معرفة طبيعة علاقاتهم بالله، فكان الحوار مع أحد الطلبة. هل بإمكانك أن تخبرني كيف تشعر كونك مسلمًا؟ وكانت الإجابة: الله واسع الرحمة يحبنا أكثر مما تحب الأم وليدها، لكننا لا نملك شيئًا إلا بمشيئة الله، عندما نصلي ونضع أنوفنا على الأرض نشعر بالسلام والسعادة والراحة والثبات، يستحيل وصف ذلك عليك أن تجربه لتدركه، ثم قال لي: هل تريد أن تكون مسلمًا؟ بين تردد وإقبال تواصل النقاش وكانت خاتمته إسلام البر فسور (جيفري لانج). يقول (لانج): لن أنسى أبدًا اللحظة التي نطقت بها بالشهادة لأول مرة، لقد كانت بالنسبة إلىَّ اللحظة الأصعب في حياتي، ولكنها الأكثر قوة وتحررًا.
قال تعالي في سورة الأنعام الآية 125: (فَمَن يُرِد اللهُ أن يَهْدِيهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلام).
0