دعوني هذه المرة أخالف نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، الذي ظل شعره منذ قرون مضت وإلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء، نعم لن أقول مثلما قال المتنبي:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
ولكني أقول:
عيدٌ بأحسنِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بمَا مَضَى وبحاضرٍ فيه تجْديدُ
العيد مُناسبة عظيمة، له جاذبيته لأنه يظهر التمايز والاختلاف، ويكسر الروتين بكل استثناءاته المحببة في الأكل واللبس والزينة والطقوس المُصاحبة، وقبل كل ذلك في الفرحة والبسمة التي تظهر على محيا الصغير والكبير. فالعيد مناسبة عظيمة لإذابة جليد الخصومة، وهو فرصة جميلة للتصافي والتسامح والاعتذار وطلب العفو والصفح فيما بيننا، مهما كانت درجة الاختلاف أو الخلاف، إذ لا بد من تقديم التنازلات وتناسي الخلافات في أيام العيد التي تأتي ونفوسنا أكثر صفاءً وتقوى بعد قضاء أيام الشهر الفضيل.
ولا شك أن التسامح والعفو هما الأساس لحياة جميلة خالية من النكد والكدر، فعندما يكون الإنسان متسامحًا مع الآخرين فهو بلا شك يشعر بالفرح ويعيش حياته بسعادة؛ لأن التسامح يمد جسور المحبة والإخاء والصفاء، وتوطيد العلاقات الإنسانية، وتطهير القلب من المشاعر السلبية من كراهية وأحقاد؛ لتحل محلها المشاعر الإيجابية.
إن العيد من أهم المناسبات لتقوية أواصر الأخوة والمحبة بين عامة المسلمين، وبين الأهل والأرحام والجيران وزملاء العمل والدراسة بشكلٍ خاص، فعلينا أن نُبادر جميعًا لإصلاح ما بيننا وتطهير قلوبنا ليرضى عنا ربنا، فالله يغفر لعباده ويلقي محبته عليهم في مناسبات كثيرة، فقد جاء في الحديث القدسي: (وجبت محبتي للمتزاورين فيَّ والمتجالسين فيَّ والمتحابِّين فِيَّ والمتباذلين فِيَّ). فهنيئًا لمن يُبادر بالصفح والسلام مع من قاطعه: (وخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ)، و(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ).
سُنة الله في خلقه:
نعم هي سنة الله في خلقه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ يحل علينا العيد وتحل معه ذكريات أناس كانوا معنا، وقد رحلوا عنا إلى عند مليك كريم غفور رحيم. يارب كما أسعدونا وهم معنا فأسعدهم وهم عندك، اللهم ارحم كل غالٍّ فقدناه.