ألم تمر بك فترات كرهت فيها الرحمة التي في قلبك لأنها جعلته موضع طعن؟
ألم تمر بك فترات كرهت لطفك .. ذلك اللطف الذي يجعل المختلين يتكاثرون حولك ويشعرهم أنك لقمة سائغة لعقدهم النفسية وشرورهم الاختيارية؟
ألأنك قدمت لهم طبق طعام أكلوا يدك؟
من أعطاهم الحق في ذلك؟
كيف سولت لهم أنفسهم الظالمة أن تلك عدالة؟
المختل الذي يملك عقلًا ليختار ضحيته ألا يملك عقلًا ليمتنع عن ذلك؟ لكنه يختار أن يطفف في ميزانه للأمور يختار أن ينتقم لذاته من الأشخاص الخطأ، أشخاص لم يكن لهم صلة بموضوع ظلمه !
يفعل ذلك إثباتًا لذاته، تأكيدًا لوجوده، لديه تشوه في المنطق يجعله يختار أن يثبت وجوده بالسلب بدلًا من الإيجاب، ويختار أن يكتب اسمه في قائمة الشر ضد قائمة الخير
هل كان الشيطان على صواب حين فعل ما يستوجب الطرد من الجنة؟ إذن لم يجدوا في سبيله هدى؟
التكبر غباء، ومن يتكبر “غبي”! يتكبر وهو في ملك الله يتمتع بنعم الله يأكل من رزق الله ويعيش حتى يأذن الله ؟!
في علم النفس هناك فرق بين الحاجة للحب، والحب بحد ذاته.
الحاجة للحب هي لإثبات أمر ما للنفس، في الحاجة للحب نقص في داخلك، نقص القبول والحب للذات
تلك الحاجة ليس بها ثبات عاطفي؛ لأن الشخص سيصبح متطلبًا لأمور أخرى مَرضية تؤكد له ذاته التي تخلى عنها وتخلى عن مسؤوليته في إصلاحها ومسؤوليته عن أفعاله،
وعند عثوره على الحب من الخارج لن يشبع ذلك النقص بداخله بل سيزيده ويصبح أكثر بشاعة، سيظهر بمظهر التكبر !
لن يشعر بالتقدير لمن يكرمه بل سيشعر أنه أفضل منه، وأنه يستحق أن يعطيه أكثر، وهذا الطغيان يتحول لاضطراب في الشخصية نسميه “نرجسية”.
سيصبح الحب في دين النرجسي له تعليمات وبنود طاعة وخضوع؛ لأن ليس لك رأي !
ورأيك يسبب غضبه وغضبه يجعله يمارس “الصمت العقابي” أو الهجر، ورضاه سيكلفك مع مرور الزمن وقتك وصحتك وطاقتك ونفسك !
هو يطالبك بالرضا التام على فتات عطائه بينما يتعامل معك بجحود وقلة تقدير لعطائك مهما أعطيت لأن بداخله فجوة عميقة من الإحساس بالنقص والخوف الممزوج بالعار لن يكتفي لسدها إلا بتخليك عن نفسك لصالحه، وتحطيم هويتك والتحكم بأفكارك ومشاعرك وابتلاع طاقتك ثم رميك جثة هامدة؛ ليعثر على ضحية جديدة.
تذكر أنك لا تملك حق الاختلاف معه على رأي أو إبداء احتياج أو فرض حدود في التعامل … وكل ما يتفق عليه في ساعة صفاء لن يلتزم به !
هناك مراحل في العلاقة مع نرجسي:
بداية هو يغرقك بالحب، حب كما في الأحلام حب لا نهائي وتقدير مبالغ وولاء مطلق يشعرك أنه خُلق لك ليس له مطالب أو احتياجات سوى إسعادك.
ثم تبدأ مرحلة تقلبات المزاج، الصعود والهبوط بلا سبب، يمتنع عن ما كان يعطيه بلا مقدمات، وحين تتساءل عن السبب لا يرد … هنا مصيدة النرجسي: هو يحصد اهتمامك من خلق الدراما “خلق مواقف وصراعات لأن تلك الطاقة السلبية تشعره بأهمية ذاته، تشعره بالتحكم والسيطرة
تذكر المرحلة الأولى: لو كان حبه حقيقي لأكتفى ولما تغيرت مطالبه لكنه يمارس التلاعب حتى يضمن خضوعك بعد تعودك على الحب والاهتمام (المزيف) هو يريد استرداد ذلك الاهتمام بطرقه الخاصة؛ لأنه لا يقبل طبعك ولا تعجبه حقيقتك
يبحث عن الزيف الذي يشابه حقيقته !
مرض نفسه جعله لا يستطيع استقبال الحب بطرق مباشرة بل حصده بطرق ملتوية تؤذي “ضحيته”.
المرحلة الثالثة: بعد أن تكون الضحية قد كونت ترابط مع النرجسي تسمى رابطة الصدمات، فإنه يمارس العنف سواء (اللفظي أو النفسي أو الجسدي) طيلة الوقت وبشكل أكبر مما يدمر نفسية الضحية، ويدخلها في طور الأمراض الجسدية والنفسية.
– متخصصة في علم النفس