تُعاني معظم دول العالم إن لم تكن جميعها من تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات، وتتفاقم خطورة هذه الظاهرة حينما تنتشر بين الشباب، وربما صغار السن والذين يشكلون في الغالب النسبة الأكبر في عدد السكان لمعظم شعوب تلك الدول، ولا شك أن تعقد ظروف الحياة الاجتماعية وتداخل وتشابك مشكلاتها لأسباب عديدة يأتي في مقدمتها التطور المذهل في وسائل التقنية والاتصال التي أسهمت بدورها في سرعة وسهولة الاحتكاك والتبادل الثقافي بين مختلف شعوب العالم، الأمر الذي صعَّب من قدرة الشباب على التكـيُّف مع المتغيرات والتغيرات الكبيرة والمتلاحقة التي تحدث في شتى مجالات الحياة المحيطة بهم، ولم تتوقف الأضرار الناتجة عن تعاطي المخدرات على تلك الفئة المتعاطية نفسها فحسب، بل ترتب على انتشار تلك الظاهرة العديد من المخاطر التي شملت كافة أفراد المجتمع وتجلت أضرارها في الجوانب الصحية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والأمنية، وهو الأمر الذي يتطلب بل ويحتم تكثيف الاهتمام بإيجاد طرق وأساليب عديدة للتحذير والوقاية من الوقوع في وحل هذه الظاهرة المدمرة.
ولا شك أن مواجهة آف المخدرات هي واجب وطني وعمل إنساني يحتاج إلى تكثيف الجهود المبذولة وبصورة مخطط لها؛ تتكامل فيها الجهود والأدوار ضمن شراكة مؤسسية ومجتمعية تستوعب كل الجهود والمبادرات ومن مختلف الأطراف والجهات ذات العلاقة، وتأتي في مقدمة تلك الجهات بل وعلى رأسها الجهات التربوية والمؤسسات ذات العلاقة بمكافحة المخدرات، وهي الجهات التي يمكنها القيام بغرس دوافع داخلية لدى الشباب تمنعهم من الوقوع في تعاطي المخدرات عملًا بقاعدة الوقاية خير من العلاج، وانطلاقًا من تلك القاعدة يأتي دور التربية الوقائية التي تتضمن كافة الخطوات التي تستهدف حماية الطالب ومنعه من الوقوع في آفة تعاطي المخدرات، الأمر الذي يتطلب المزيد من التنسيق والمتابعة بين المدرسة والأسرة، وكذلك الجهات المعنية بمكافحة المخدرات، ويمكن أن يتم ذلك الأمر من خلال عدد من الخطوات:
• التنسيق بين إدارة الأعمال الوقائية والتوعوية بمديرية مكافحة المخدرات في كافة المناطق وإدارة التوجيه والإرشاد في إدارات التعليم في تلك المناطق؛ لتنفيذ برامج وورش عمل ودورات تدريبية ومحاضرات توعوية لحماية الصحة العقلية للشباب من خطر تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية.
• تنفيذ دورات خاصة للمرشدين الطلابيين من قبل مديرية مكافحة المخدرات للتوعية بأضرار آفة المخدرات، وكيفية وقاية الطلاب من الوقوع فيها عن طريق منصات التعليم عن بُعد وقنوات اليوتيوب وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، ليتولى المرشدون الطلابيون بدورهم تنفيذ برامج التوعية للطلاب فيما بعد.
• تنفيذ محاضرات للمرشدين الطلابيين وأولياء الأمور عن أهم المُتغيرات التي تظهر على متعاطي المخدرات للتنبه واكتشاف هذه المشكلة داخل المدرسة أو المنزل منذ بداياتها.
• استضافة المختصين في مجال التوعية الدينية لإلقاء محاضرات توضح الأحكام الشرعية المتعلقة بتحريم المخدرات، وتوضيح مدى أضرارها وإفسادها للفرد والمجتمع.
• استضافة المختصين في مجال القانون لإلقاء محاضرات في التوعية القانونية، وشرح الأنظمة والأحكام القانونية لتعاطي وترويج المخدرات.
• تفعيل أنشطة الإعلام المدرسي (الإذاعة المدرسية، الصحف الحائطية، موقع المدرسة إلكتروني، خدمة الواتس اب والبريد الإلكتروني وغيرها) للتوعية بآفة المخدرات وأضرارها.
• تنظيم زيارات للسجون والعيادات المتخصصة في علاج الإدمان، وكذلك مراكز مكافحة المخدرات للطلاب والمختصين في وحدات الإرشاد والتوجيه المدرسي للاطلاع عن قُرب على حجم وآثار هذه المشكلة.
• التنسيق بين المدارس والجهات المختصة؛ لتنفيذ حملات اختبار الكشف عن تعاطي المخدرات، وكذلك تناول الأدوية المحظورة.
الختام:
اللهم احفظ البلاد والعباد من كيد الأعداء، واحفظ أولادنا واكفهم شر المخدرات والإدمان وعافي مبتلاهم، ووفق رجال أمننا في حفظ الأمن، وكلل جهودهم بالنجاح في محاربة المخدرات وأهلها.
—————————————
• عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة.