في أواخر شهر سبتمبر 1998م، وصلت للمرة الأولى إلى بلاد الحرمين وتحديداً إلى جدة، حيث التحقت بالعمل صحفياً بمجلة “الإعلام والاتصال” (التابعة لوزارة الإعلام السعودية) عبر الإنضمام لـ “مؤسسة فكرة الإعلامية” – مُصدرة المجلة، حيث لم يكن مسموحاً للوزارات إصدار مجلاتها بشكل مباشر-، وذلك في عهد رئيس تحريرها الأول الكاتب والأديب الكبير د. عبد الله مناع – رحمه الله-، ولم تكن علاقتي بالحج تتعدى أدائي لمناسكه استناداً لسيرة وسنة نبينا الأكرم – صلى الله عليه وسلم-، إذ أديت المناسك العظيمة في سنة وجودي الأولى بالمملكة، فضلاً عن أداء العمرة أكثر من مرة.
وشيئاً فشيئاً وبحكم عملي الصحفي في تغطية أنشطة الحج بمواسمه المحددة، بدأت أتعرف أكثر وأكثر على منظومة الحج ومهنة الطوافة ودورها العظيم في خدمة ضيوف الرحمن، لا سيما وأنني أجريت على صفحات المجلة العديد من الحوارات مع أساطين تلك المهنة العظيمة، وأخص بالذكر حواري عام 1999م تقريباً مع “شيخ المطوفين” آنذاك الشيخ الجليل عبد العزيز خوقير- رحمه الله-، ومنه سمعت لأول مرة عن “مؤسسة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية” وأقطابها كالسيد/ محمود علوي – رحمه الله-، وغيره من رموز المؤسسة (شركة أفريقيا غير العربية حالياً).
وبعد فترة ليست بالقصيرة، استعان بي الراحل الكبير د. عاصم حمدان -رحمه الله- رئيس تحرير “مجلة الحج” (وكان مدير تحريرها السيد/ خالد محمود علوي .. عضو مجلس إدارة شركة أفريقيا غير العربية حالياً) كمتعاون لضبط صياغة المواد الصحفية بالمجلة (الديسك مان بالتعبير الصحفي)، لتزداد معرفتي بالطوافة ورموزها ومؤسساتها.
أعقب ذلك، تعاقد “مؤسسة فكرة” مع مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا في عهد رئيس مجلس إدارتها المطوف الشهير أ. عدنان كاتب لإصدار مجلتها “الأهلة”، ونشرتها الموسمية “أضواء”، وكانتا تصدران قبلاً بالطبع ولكن كان الهدف تطوير الإصدارين وخروجهما بثوب جديد، ومن ثم انخرطت أكثر وأكثر في فهم طبيعة مهنة الطوافة العريقة، لا سيما وأنني قد توليت منصب مدير تحرير المجلة والنشرة في عهد رئيس مجلس الإدارة الجديد- آنذاك- د. رافت بدر.
وبعد خروجي من “مؤسسة فكرة” وانتهاء التعاون مع “جنوب آسيا”، راحت الأيام وجاءت إلى ما قبل موسم حج 1443هـ بشهر واحد، حيث تشرفت بالعمل متعاوناً كمستشار إعلامي لشركة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية في موسم الحج ، والذي كان موسماً استثنائياً، نظراً لأنه جاء بعد توقف عامين لقدوم حجاج الخارج بسبب جائحة “كورون.. من ناحية، ولأنه كان الموسم الذي واكب التحول المؤسسي لشركات أرباب الطوائف بالاتجاه إلى الفكر التجاري والاستثماري اتساقاً مع “رؤية المملكة 2030”.. من ناحية أخرى.
ووسط هذا الموسم الإستثنائي، عادت عجلة زمن متابعة “الطوافة” إلى الوراء، واستعدت هذه الأجواء الروحانية والعملية المرتبطة بواحدة من أشرف المهن، والتي يكفيها أنها تقوم على خدمة ضيوف الرحمن من حجاج البيت العتيق.
ودارت رحى النشاط الصحفي والإعلامي بالشركة ودرت معها من خلال لجنة العلاقات العامة والإعلام، والتي استكشفت من خلال أنشطتها والتقارير والأخبار التي شاركت – مع زملائي وزميلاتي الأعزاء باللجنة- في إعدادها كم الجهد الضخم الذي بذلته الشركة (وهذه شهادة حق) بكافة قطاعاتها ولجانها وإداراتها ومكاتب الخدمة التابعة لها (وعدد ها 43 مكتباً) في موسم حج 1443هـ، تحت قيادة مجلس الإدارة برئاسة د. أحمد عباس سندي – ومعه إخوانه أعضاء المجلس- والذي استطاع بهدوئه وحكمته وقدراته الإدارية الفذة أن يكون خير ربّان لسفينة الشركة مما أفضى -بعد توفيق الله عز وجل، ثم توجيهات القيادة الرشيدة- إلى نجاح لافت للشركة في موسم الحج، وهو ما شهد به القاصي والداني.
وبعد نجاح الموسم، استمرت الشركة بقيادة د. سندي في مسارها وتوجهها الاستثماري، حيث حققت نجاحاً منقطع النظير في هذا السياق تمثل في إنشاء شركة “أفريقيا غير العربية” القابضة للاستثمار، والتي انبثق منها شركتان جديدتان هما: شركة “إثراء الجود لخدمات الحجاج”، وشركة “إثراء الخير لخدمات الحجاج”.
وفي السياق نفسه، أبرمت الشركة عقداً مميزاً مع شركة البداد للمناسك (شركة عالمية) لمشروع تحسين وتطوير خيام “أفريقيا غير العربية” بمشعر عرفات، وذلك على مساحة إجمالية تبلغ (246) ألف متر مربع.
كما وقعت الشركة عقداً استحوذت بمقتضاه على (51%) من شركة “عبد الله أبو الجدايل للصناعة”، وهو ما يتيح للشركة دخول مجال خدمات الإعاشة من الباب الواسع.
واستمراراً لنهج نجاح الشركة المتميز، حقق جناحها بفعاليات مؤتمر ومعرض خدمات الحج والعمرة “إكسبو الحج” 2023م (9-12 يناير الماضي بجدة سوبردوم) نجاحاً مثيراً للإعجاب تمخض عنه إبرام الشركة لعقود خدمة ما يربو على (200) ألف حاج لموسم حج 1444هـ، وهو عدد يفوق ما كانت الشركة تقوم بخدمتهم من ضيوف الرحمن قبل جائحة كورونا، فضلاً عن تكريم شركة “إثراء الجود لخدمات الحجاج” باعتبار جناحها أحد الأجنحة المتميزة المشاركة في المعرض لعام 2023م.
ومن ناحية أخرى، استكملت الشركة بقيادة د. أحمد عباس سندي ومجلس إدارتها نجاحاتها باستكمال “المنظومة التنفيذية” كقاطرة للمسيرة المميزة، وذلك بتعيين أ. بدر علي بافقيه رئيساً تنفيذياً للشركة، وهو كفاءة وطنية مميزة.
وما زال في جعبة “أفريقيا غير العربية” الكثير في موسم الحج القادم 1444هـ، فما سبق يُعد بمثابة “غيض من فيض”، فالقادم أكثر تميزاً في سجل النجاح خدمةً لضيوف الرحمن من الحجيج عبر تقديم أرقى وأفضل الخدمات لهم .. من جانب، وتحقيق أعلى المكاسب لمساهمي ومساهمات الشركة .. من جانب آخر، فضلاً عن تحقيق الاستقرار المالي والإداري لمنسوبي الشركة .. من جانب ثالث.
0