“قمة جدة” أبرزت الهمة
“قمة جدة” هي القمة الثانية والثلاثون في تسلسل القمم العادية التي أقامتها جامعة الدول العربية منذ تأسيسها عام 1945م، ولا بد من الإشارة إلى أن صاحب السمو الملكي ولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود -يحفظه الله- هبة من الله ليس للشعب السعودي فقط بل ولكافة الشعوب العربية؛ حيث إنه حقق إنجازات غير مسبوقة أسفرت عن نتائج مبهرة لاجتماعات ومؤتمرات وتحالفات يقودها تصب في مصلحة الشعوب العربية والشرق الأوسط الجديد، ونسأل الله أن يحفظه، ويمده بالصحة والعافية.
وتبدو جهوده واضحةً وجلية في تبنيه لعمل عربي مشترك نابع من الهَمّ العربي والقضايا الإقليمية المشتركة، وحرصه الشديد على اجتماع الصف العربي ونسيان الماضي، وفتح صفحات جديدة مبنية على التفاهم المشترك لبناء شرق أوسط جديد ينعم بالأمن التام والاقتصاد المزدهر والحياة الكريمة لكافة الشعوب العربية.
وقال الأمير محمد بن سلمان: “نؤكد للدول الصديقة في الشرق والغرب أننا ماضون في السلام”، ومشدداً بالقول: “لن نسمح بأن تتحوَّل منطقتنا إلى منطقة صراعات”، وقال: إن القضية الفلسطينية كانت وما زالت قضية العرب المحورية.
وقال سموه: “يكفينا مع طي صفحة الماضي تذكر سنوات مؤلمة من الصراعات عاشتها المنطقة.. تكفينا الصراعات التي عانت منها شعوب المنطقة وتعثرت بسببها التنمية”.
وقد اتفق الرؤساء المجتمعون على إيقاف أعمال التصعيد غير المسؤول داخل الأراضي الفلسطينية، والبحث عن حلول دبلوماسية وسلمية تحفظ للشعب الفلسطيني كرامته وحقه في التمسك بأراضيه.
وأكّد المجتمعون أن دمشق أمام فرصة تاريخية لإعادة ترتيب شؤونها بأقل قدر ممكن من التدخل الأجنبي في ظل تضامن الدول العربية معها.
كما أعرب القادة عن قلقهم الشديد إزاء ما يحدث في السودان، واتفق الجميع على ضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف، ورفع المعاناة عن الشعب السوداني والمحافظة على مؤسسات الدولة الوطنية، ومنع انهيارها، والحيلولة دون أي تدخل خارجي في الشأن السوداني يؤجج الصراع ويهدد السلم والأمن الإقليميين.
واتفق القادة العرب على دعم كل ما يضمن أمن واستقرار الجمهورية اليمنية، ويحقق تطلعات الشعب اليمني الشقيق، ودعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية استنادًا إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
وأعرب المجتمعون عن تضامنهم مع لبنان، وحث كافه الأطراف اللبنانية للتحاور لانتخاب رئيس جمهورية يُرضِي طموحات اللبنانيين، وينظم عمل المؤسسات الدستورية، ويدعم الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من أزمته.
واتفق القادة العرب على وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة.
واتفق الجميع على أن الرؤى والخطط القائمة على استثمار الموارد، والفرص، ومعالجة التحديات، قادرة على توطين التنمية، وتفعيل الإمكانات المتوفرة، واستثمار التقنية من أجل تحقيق نهضة عربية صناعية وزراعية شاملة تتكامل في تشييدها قدرات دولنا، مما يتطلب منا ترسيخ تضامننا وتعزيز ترابطنا ووحدتنا؛ لتحقيق طموحات وتطلعات شعوبنا العربية.
والملفت للانتباه أن أعمال القمة العربية لم تكن سياسية فقط بل كان للاقتصاد نصيبه الوافر فيها، من خلال عدد هائل من الاتفاقات ومذكرات التفاهم والمشاريع المشتركة، التي تدعم الاقتصادات العربية مجتمعة، ويأتي هذا انعكاسًا لإيمان قادة المملكة بأهمية الاقتصاد في تعزيز الأمن والاستقرار في حياة الشعوب، وهي السياسة التي اتّبعتها المملكة خلال السنوات التي مرّت من عمر رؤية 2030″.
إن هذا النجاح الذي حققته المملكة العربية السعودية في قيادة القمة العربية، التي ترأسها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين -حفظهما الله-، يُعدُّ نجاحًا عظيمًا نظرًا لما حظيت به من حضور عالي المستوى لقادة الدول العربية، ولما نتج عنها من قرارات مهمة، تهدف إلى خدمة جميع دول وشعوب المنطقة.
– كاتب رأي ومستشار أمني