المقالات

اختلال البدلات الجامعية

لا تتقدم الأمم إلا بالعلم والمعرفة، وهذا ما حرصت عليه دولتنا الراشدة منذ نشأتها حتى يومنا هذا؛ حيث قامت بتحفيز أبنائها وحثهم على طلب العلم بكافة مراحله، ووضعت الخطط التعليمية، وشجعت على الابتعاث للدراسات العليا، ورصدت في ميزانياتها مئات المليارات؛ لتحقيق هذا الهدف السامي على مر السنين الماضية ولا زالت، وحصل عشرات الآلاف من أبناء الوطن على الشهادات العليا من أعرق الجامعات المحلية والعالمية.
وللأسف لم يوفق منهم للعمل في الجامعات إلا القليل؛ حيث تفاجأ الخريجون برفض طلبات التوظيف ببعض الجامعات رغم وجود أعداد كبيرة من أعضاء هيئتها التدريسية من الأجانب .. فأي سبب يُبرر للجامعات عدم استحداث وظائف أكاديمية لعمل أبناء الوطن فيها والحال ما ذكر .. سؤال طلما أتعب تفكيري؟
وفي نظري فإن اللائحة المنظمة لشؤون الجامعات، وما تبعها من قرارات وزارية تعنى بالبدلات قد اسهمت في هذا الواقع المؤلم، وذلك بتعمد جعل البدلات لأعضاء هيئة التدريس هي الدافع المحفز للعمل بالجامعات دون تغيير يذكر بسلم الرواتب، وهو أمر له ما يبرره في الماضي عند التوسع في نشأة الجامعات لكن الحاضر قد تغير وتغيرت أحواله. فضعف الرواتب لأعضاء هيئة التدريس وعدم توفر ضوابط البدلات في كثير من منسوبي الجامعات حاليًا يخشى معه أمران:
– أولهما: أن يؤدي إلى خروج بعض من أعضاء هيئة التدريس من الجامعات للعمل بفرص وظيفية واعدة ورضوخ البعض الآخر لواقعية ضعف الرواتب غير المحفزة؛ لتقديم أفضل ما لديهم في البحث العلمي والدراسة والتدريس.
– ثانيهما : الخشية من أن يتحول هاجس السعي في الحفاظ على البدلات في بعض التخصصات إلى ارتكاب مخالفات تخرج البدل عن الهدف الذي وجد لأجله، ومن ثم إلحاق الضرر بملفات منها استحداث وظائف للسعوديين بتلك الجامعات. ويكفي أن نعرف مثلًا أن بدل الندرة في الجامعات وفقًا لقرار مجلس التعليم العالي رقم ١٤٢٩/٢ وتاريخ ١٤٢٩/١٢/٢٢ يشترط للحصول عليه ان تكون نسبة السعوديين في التخصصات (٥٠ ٪؜) فأقل مع عدد الأجانب، وعليه فإن زيادة عدد السعوديين عن هذه النسبة ولو بواحد بالمئة كفيل بحرمان كافة الموظفين السعوديين بالتخصص من هذا البدل، وهو أمر صعب تقبله، فبعض التخصصات يصل بدل الندرة فيها إلى (٤٠٪؜) من الراتب الأساسي.
وبالتالي إذا اعتبرنا أن المسؤولين عن هذه التخصصات المعنية من مهام عملهم الحفاظ على مكتسبات منسوبيهم المادية، فقد أوجدنا مبررًا له وجاهته يتمثل في السعي إلى عدم تعيين أي سعودي بهذه التخصصات زيادة عن هذا النسبة المحدد نظامًا، وتأمين حاجتهم عن طريق التعاقد مع الأجانب رغم أنه باب من أبواب الفساد؛ لأن تعيين مزيد من السعوديين يعني بالضرورة حرمان الجميع من هذا البدل.
ومن وجهة نظري فإن الحل يكمن في زيادة سلم الرواتب لهذه الفئات المستهدفة بهذا البدل وغيره، وإلغاء هذه البدلات التي وضعت علاجًا لمرحلة سابقة لم تعد مناسبة للمرحلة الراهنة. والحال ما ذكر ينطبق أيضًا على بدل الناشئة وبدل التعليم..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى