العالم اليوم صَار قطعةً صغيرةً في منظور الإنسان؛ وذلك بسرعة التواصل وتبادل المعلومات والأخبار مع وسائل الاتصالات، والعنصر الأساسي لهذا التقارب السريع هو الإعلام بأنواعه وأشكاله.
يحتل الاتصال والمعلومات والمعرفة مكانة محورية في تقدم البشر، وفي مناحي حياتهم وأسباب رفاهيتهم، وتكنولوجيا المعلومات والاتصال، التقليدية منها والحديثة، تُتيح للناس في كل أنحاء العالم، إمكانية جديدة وفرصًا للارتقاء في سلم التنمية. غير أن الكثير من الشعوب والأمم، لا سيما الأكثر فقرًا، لا تتاح لها بصورة حقيقية ومنصفة وإمكانية إنتاج المعلومات ونشرها واستخدامها، الأمر الذي يحرمها من الكثير من فرص التنمية الحديثة.
فإن نشر الأفكار والمعلومات والمعرفة على نطاق واسع، من خلال وسائل الإعلام التقليدية، ومن خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة على حدٍ سواء.
وفي هذا السياق فإن حرية التعبير والتناول الحر للمعلومات والأفكار والمعارف، والانتفاع الحر والمتكافئ بها تُشكل عنصرًا أساسيًا؛ لتمكين الناس وضمان مشاركتهم في مجتمعاتهم.
وللإعلام مسؤولية كبيرة في عملية التنمية المستدامة؛ وذلك بتزويد المجتمع بأكبر قدر من الحقائق والمعلومات الدقيقة التي يمكن للمعنيين بالتنمية التحقق من صحتها، والتأكد من دقتها، والتثبت من مصدرها، وبقدر ما في الإعلام من حقائق ومعلومات دقيقة، بقدر تحقيق أهداف التنمية.
إن الإنسان هو المحور والهدف الأسمى للإعلام، فانطلاقًا من هذا المفهوم؛ فإن القوى البشرية تُمثل أهمية كبرى في التخطيط الإعلامي على اعتبار أن المثقفين من أفراد المجتمع (قراء – مشاهدون – مستمعون) هم هدف التخطيط الإعلامي.
وإذا كان الإعلام هو محاولة لربط أفكار أفراد المجتمع وتصوراتهم وقيمهم واعتقاداتهم بالتخطيط للتنمية وبأسلوب التنفيذ، ووضع المستويات الاقتصادية والاجتماعية في الاعتبار، فإن التخطيط الإعلامي هو أيضًا ترتيب وتنظيم ذلك بوضوح اعتمادًا على أن الإطار الثقافي هو الذي يخلق فكر كافة أفراد المجتمع بكل ما فيها من اهتمام بالماضي وتحليل الحاضر الواقعي ونزوع إلى العمل، ومن الطبيعي أن يكون ذلك من خصائص مبادئ الاتصال الجماهيري، ومن الطبيعي أيضًا أن يكون ذلك من أكثر خصوصيات التخطيط الإعلامي، إذ إن الإنسان العصري في المجتمع الحديث يتميز بعقلية تختلف كليةً عن الإنسان التقليدي.
فكما أن الإعلام بقدرته إذا كان يملك البناء فأيضًا يملك القدرة على الهدم وإبدال القيم بما لا يحترم مشاعر الكل، فهم يختلفون في المعتقدات والانتماءات، فعند العرض ينبغي عدم المساس بالكرامة الإنسانية، والتعايش المشترك.
– إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا.