في الفترة ما بين (7-9) ديسمبر 2022م، استقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- الرئيس الصيني “شي جين بينغ” في زيارته التاريخية للمملكة، والتي تخللتها ثلاثة قمم: سعودية صينية، وخليجية صينية، وعربية صينية.. وجميعها كانت ترجمةً لأفكار سمو ولي العهد ورؤيته الاستراتيجية لعالم متغير لابد من مجاراته، وفهم آلياته انطلاقاً من المصلحة الوطنية خاصةً والعربية عامةً، علماً بأن التوجه نحو الصين ليس مشروعاً سياسياً بحتاً، بل شراكة استراتيجية بالمفهوم العالمي الاقتصادي التجاري.
واستمراراً لهذا النهج الفذ الذي اختطه سمو ولي العهد للمملكة وللعرب جميعاً ونيابةً عن سموه- حفظه الله-، افتتح سمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية يوم 11 يونيو الجاري بالرياض الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين 2023م تحت شعار “التعاون من أجل الازدهار”.
وفي كلمته بالمؤتمر، أكد سمو وزير الخارجية على حرص سمو ولي العهد -أيّده الله- بالرفع من مستوى العمل للخروج بنتائج تليق بالشراكة العريقة والمتقدمة في جميع المجالات الاستثمارية الحيوية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية، مضيفاً:” إن المؤتمر يعد فرصة للعمل على تعزيز وتكريس الصداقة العربية الصينية التاريخية، والعمل على بناء مستقبل مشترك نحو عصرٍ جديدٍ يعود بالخير على الشعوب، ويحافظ على السلام والتنمية في العالم”.
واستطرد سمو وزير الخارجية بأن موضوع المؤتمر “التعاون من أجل الرخاء”، يؤكد الأهمية البالغة والإمكانات الكبيرة والرؤى المشتركة التي تكمن في العلاقات الاستثمارية والتجارية بين العالم العربي والصين، ويسلط الضوء على كيفية التوافق المشترك وتبادل الخبرات وإطلاق فرص جديدة للنمو والاستثمار، والتي من شأنها تحقيق الرخاء والتقدم والازدهار لشعوب المنطقة والعالم.
وبلغة ألأرقام التي لا تكذب، نجد أن الصين تعد الشريك التجاري الأكبر للدول العربية، حيث بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين الجانبين 430 مليار دولار في عام 2022م، بمعدل نمو بلغ 31% مقارنةً بعام 2021م
ومن جانب آخر، تمثل المملكة العربية السعودية ما نسبته 25% من إجمالي التبادل التجاري بين الصين والدول العربية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة والصين 106.1مليار دولار في عام 2022م، بمعدل زيادة بلغ 30% مقارنة بعام 2021م.
معنى ذلك أن المملكة هي أكبر شريك تجاري للصين، ففي العقدين الماضيين تضاعفت التجارة بين البلدين 29 ضعفاً، كما أن المملكة هي أكبر مصدر نفط إلى الصين، فيما أبرمت الشركات الصينية خلال عام 2022م نحو 163 عقداً للمقاولات والتشييد بقيمة تتجاوز مليار دولار بزيادة 76% عن عام 2021م.
وتنبع الشراكات الاستراتيجية بين البلدين من كونهما عضوين في منظمة التجارة العالمية، فضلاً عن أن المملكة من أهم الدول المطلة على “طريق الحرير والحزام” الصيني، والبالغ عددها 65 دولة وسترتفع إلى 132 دولة، وذلك لوقوع المملكة على أفضل 3 ممرات بحرية يمر منها حوالي 18% من التجارة العالمية، ولذا فإن المملكة في موقع مميز لاستقطاب الاستثمارات الصينية، لا سيما في الصناعة والخدمات.
وبالعودة إلى الزيارة التاريخية التي استقبل فيها سمو ولي العهد في ديسمبر 2022م الرئيس الصيني” شي جين بينغ”، والتي شهدت إطلاق أول قمة عربية صينية وقمة خليجية صينية، فقد أثمرتا عن توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بقيمة تجاوزت 50 مليار دولار، شملت مجموعة من القطاعات المتنوعة.
وفيما يخص الجانب السعودي من تلك الاتفاقات مع الصين، فقد تم توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم في المجالات التالية:
– خطة المواءمة بين “رؤية المملكة 2030″، ومبادرة “الحزام والطريق” الصينية.
– مذكرة تفاهم في مجال تشجيع الاستثمار المباشر.
– خطة عمل لتفعيل بنود مذكرة التعاون في مجال الإسكان.
– مذكرة تفاهم في مجال الطاقة الهيدروجينية.
– اتفاقية للتعاون والمساعدة القضائية في المسائل المدنية والتجارية والأحوال الشخصية.
– مذكرة تعاون لتعليم اللغة الصينية.
ومن جانب آخر، قام الرئيس الصيني بإدراج المملكة في قائمة المقاصد الخارجية للمجموعات السياحية الصينية؛ لتوسيع التبادلات بين الأفراد، فضلًا عن التبادلات الثقافية والشعبية بين البلدين.
* رئيسة تحرير مجلة “مملكة الاقتصاد والأعمال”