يعيش على الأرض البريطانية حوالي 70 مليون نسمة عام 2023م حسب الإحصاءات الرسمية، هم مجموع عدد سكان بريطانيا، منهم حوالي 9 ملايين نسمة يعيشون في مدينة لندن وحدها، أي حوالي 12.9%، من إجمالي عدد سكان بريطانيا.
شخصيًا من مشاهداتي خاصة في وسط المدينة التجاري، لاحظت أن عدد المشاة على الأرصفة أكثر بكثير من عدد المركبات التي تجوب الطرقات ليل نهار، والسبب في ذلك يعود لانتشار المواصلات العامة في أرجاء المدينة بمختلف أنواعها من حافلات وقطارات ودرجات هوائية ومساراتها المحددة فوق الأرض وتحت الأرض وعلى جانب الطريق؛ إضافة للأرصفة العريضة والنظيفة المخصصة للمشاة والمسارات الخاصة بالدرجات الهوائية، وتلك التي تخص المركبات العامة، وانتشار المقاعد المريحة وبجانبها سلال النفايات حتى تمكن المشاة من أخذ فترة من الراحة عند شعورهم بالتعب والإرهاق.
لذلك يمكن للسائح أو المقيم التوجه إلى أي موقع في المدينة باستخدام المواصلات العامة، وبأسعار مشجعة للغاية، الهدف منها ليس الربح فقط، بل تشجيع الناس على استخدام المواصلات العامة بدلًا من مركباتهم الخاصة.
في أوروبا تصدرت لوكسمبورغ عناوين الصحف عام 2019م، حين أعلنت عن اعتزامها إتاحة جميع وسائل النقل العام في المدينة مجانًا، وقد دخل هذا القرار حيز التنفيذ في عام 2020م، وصرح وزير النقل في لوكسمبورغ وقتها بأن تخفيف حدة الازدحام المروري وتحسين البيئة بمثابة دافعين رئيسيين وراء هذا القرار، إضافةً لأبعاد اجتماعية أخرى، فتكاليف المواصلات تلتهم جزءًا لا يُستهان به من رواتب الموظفين ومن ثم رأينا أن الحل الأمثل هو إتاحة المواصلات العامة بالمجان للجميع. ونجد من جانب آخر-والكلام لا يزال لوزير النقل في لكسمبورغ- أن ارتفاع أسعار الوقود في هذه الأيام شجع هو الآخر سكان المدينة على استخدام المواصلات العامة.
ولو نظرنا لبعض مددنا العربية حاليًا، نجد أنه ينطبق عليها المثل الشعبي المصري القائل: “زحمة يا دنيا زحمة”، فمدينة دبي في دولة الإمارات المتحدة على سبيل المثل، إذ يسجل في دبي حيث يعيش حوالي 2.5 مليون نسمة عام 2022م، انتشارًا للسيارات يعد من الأكثر كثافة في العالم، إذ ثمة 540 مركبة مسجلة لكل ألف نسمة، في مقابل 305 في نيويورك و 213 في لندن و 63 في هونغ كونغ.
وبالعودة لبريطانيا، نجد تزايدًا ملحوظًا في عدد المركبات التي تعمل على الطاقة الكهربائية، وقد حددت وزارة النقل البريطانية نهاية 2028م كحد أقصى بعدها لن يسمح بالعمل إلا للمركبات التي تعمل على الطاقة الكهربائية؛ وخاصة مركبات الأجرة والحافلات، وذلك بغرض التقليل من العادم الناتج من المركبات التي تعمل بالوقود المعتاد، والذي يعتبر من أهم مصادر تلوث البيئة.
0