المقالات

مؤسسات المستقبل.. رحلة الشغف والمتعة

حين يكون قَدرُك الانتقال بين محطتين، من (هنا) إلى (هناك)، فعليك اختيار طريقك الخاص، وطريقتك المميزة، والتزوَّد بما يسعفك خلال الرحلة؛ كي تبلغ وجهتك الصحيحة وتحقق غاياتك المنشودة.
إن اعتقادك الجازم بأن مؤسستك النموذجية التي بلغت منتهاها، بحلتها البهية، وبيئتها الجاذبة، وهياكلها المحكمة، قادرة على الصمود في زمن التغيرات ومستجدات التقنية والتعقيد وغياب اليقين؛ مجازفة تستحق منك التوقف وإعادة النظر. فبمزيد من التأمل، ستجد نفسك مرغمًا على مواجه الحقيقة بين خيارين، إما البقاء (هنا)، وتقبُّل التَّبِعات التي ستؤول بك حتمًا إلى التلاشي، والتراجع إلى مراتب متأخرة في أفضل الأحوال، في عالم محموم بالمنافسة، لا مكان فيه لأنصاف الحلول. واعلم أنك بذلك تخالف منطق الأشياء، وسيصدق عليك قول الشاعر:
قدْ تُنكِرُ العينُ ضوءَ الشمسِ مِنْ رَمدٍ
ويُنْكِرُ الفــَمُّ طَعْــمَ الماءِ منْ سَقَمِ

وإن عزمت معنا على الارتقاء بمؤسستك نحو (هناك) متصدرًا قوائم التصنيف، ومحلّقًا في آفاق التميز، فاعلم أنه حيث (هناك) يكمن الشغف والمغامرة والمتعة، فعليك التوكل على الجليل والمسارعة بالرحيل، فقطار التغيير سريع ولا يحتمل التأجيل، عليك أن تكون في الوصف فريدًا، ولديك من العتاد مزيدًا. ابدأ بذاتك واستشعر التغيير، واجعله خطة بلا انتهاء، لا تمكِّنك من المسير فحسب، بل تفضي بك لأن تكون، الأول بين الأوائل، والأفضل بين الأفاضل.
استوعب حاضرك، وتوقع المستقبل وخض المخاطر، كن مفعمًا بالأمل ومحفزًا على العمل، مذكرًا شركاءك في المؤسسة أن يد الله مع الجماعة، وأن كل منتم لها لديه من القيمة والأهمية ما يُعادل دورك في قمة الهرم. وحاذر أن تَفْتـُر همتك عن الإحساس الملح بحتمية التجديد، واستيعاب المتغيرات التكنولوجية المتسارعة، وابتكار حلول خلاقة للمشاكلات، لتحويلها من خانة المحنة إلى المنحة.
كوَّن لنفسك والمؤسسة رؤية مستقبلية، وانشر في مجتمعك ثقافتك المؤسسية المشرقة بالاختلاف وليس الخلاف، كي تخلق قيمة تنافسية، وتأكد أن القمة تتسع للجميع. ابحث عن مقارنات مرجعية، واحرص على الاقتداء بالقيادة المحمدية. تذكر دائمًا أنك بحاجة لاستيعاب العناصر البشرية، سواء ضمن بيئة العمل المنتجة أو في إطار المستفيدين، استبصر دوافعهم النفسية، وتعامل معهم وفق منظومة قيمية إسلامية، وأشعرهم باستمرار أنهم شركاء في النجاح.
أنت بذلك قائد فريد، ليس لك في الوصف مثيل، وستكون حتمًا صانع كل تغيير.
وبعد أن خضت تجربة الرحيل، وذقت لذة التغيير، كيف يمكنك الصمود حتى إلى موقعك القديم لا تعود؟
اجعل شعارك قوله تعالى: (وَقِفُوهم إِنًّهُم مسئُولُونَ)، ثم انطلق. قس ثم قيم وقوم، فالغصون اللينة دومًا تُقوّمُ ولا تنكسر. تمتع بالمرونة الكافية، وعزز نقاط القوة، وعدل جوانب القصور. بادر بتطبيق النماذج من أجل تقويم فريد وتجويد يكسبك المزيد.
والآن اصنع قرارك، وواجه مخاوفك، وتحمل التبعات بكل شجاعة، بين البقاء (هنا) أو الارتحال إلى (هناك)، حيث الأمل والنجاح ينتظرك.

– باحثة الدكتوراة –  جامعة أم القرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button