تُعتبر مكة هي المكان الذي تتم على أرضه شعيرة الحج وتجتمع فيه وفود الحجيج من كل بُقاع الأرض، وتحتدم فيه المنافسة بين جميع القوى المتصارعة للسيطرة والنفوذ وكسب الرأي العام المحلي والعالمي؛ فكان من الطبيعي أن تحظى هي الأخرى بفيض هائل من الإصلاحات والإنجازات.
وكان إصلاح المسجد الحرام وعمارته وتوسعته من أكثر الميادين التي شملتها عناية الخلفاء والملوك ولا غرو في ذلك فقد كان المسجد الحرام، ولا يزال أعظم مسجد عرفته الدنيا ويقع في بقعة هي أشرف بقاع المعمورة وأطهرها، وهو أكثر المساجد تعظيمًا وتكريمًا لدى المسلمين، تهش لذكره نفوسهم وتهوى إليه أفئدتهم فهو مولد الهدى ومهبط الوحي ومبتدأ الرسالة المحمدية، وقبلة المسلمين في جميع مشارق الأرض ومغاربها، لذلك لا غرابة إذا اهتم ولاة أمور المسلمين عبر العصور على عمارته وتوسعته وتنميته، وتباروا في إصلاحه وتوفير وسائل الراحة والأمن والطمأنينة للحاجين إليه؛ فنهجت الدولة السعودية نهج الدول الإسلامية السابقة فاهتم ملوكها بالاعتناء بالمقدسات والمشاعر الإسلامية.
ويرجع تاريخ أول إصلاح في المسجد الحرام في عهد الدولة على يد الملك عبد العزيز-رحمه الله – بتحسين وتوسعة الحرم المكي الشريف؛ ليواكب الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين.. ويشهد بيت الله الحرام في كل عام لمسات هندسية معمارية وإنشائية جديدة تسهل أداء شعائر الله، وتخفف من الضغط والزحام عن المسلمين..
كما كثفت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله- الاهتمام بالمسجد الحرام فائق العناية وجليل الرعاية على جميع الأصعدة؛ وخصوصًا عمارة المسجد الحرام وتوسعته لاستقبال ضيوف بيت الله الحرام، ومنها التوسعة السعودية الثالثة لتقديم أرقى الخدمات لقاصدي الحرمين الشريفين على مدار العام.
ويعد مشروع التوسعة السعودية الثالثة نقلة نوعية في تاريخ المسجد الحرام؛ حيث بلغ إجمالي مسطح المبنى (345000م2)، ويصل أعداد المصلين إلى (300000) مصلٍّ.
كما قام ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود بجولات عديدة على مستويات الإنجاز بالتوسعة السعودية الثالثة والمشاريع المرتبطة بالخدمات المقدمة لزوار بيت الله الحرام، المنجزات المتعلقة بزيادة الطاقة الاستيعابية بالمسجد الحرام لاستقبال الزوار والمعتمرين من ضيوف الرحمن، في إطار تحقيق أحد أهداف رؤية المملكة (2030) باستقبال أكثر من 30 مليون معتمر.
ولازالت مسيرة الخير والتنمية والازدهار متواصلة حيث شرف الله -عز وجل- المملكة العربية السعودية بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وخدمة الإسلام وإيصال رسالته السامية إلى جميع أنحاء العالم.