المقالات

إعلام الحج

قال صاحبي: هل لدينا إعلام للحج، وهل هذا الإعلام موسمي، شاهدتك كثيرًا تتحدث عن استثمار موسم الحج إعلاميًا، فكيف نستثمره، ألا يكفي أن العالم يشاهد ويسمع ما تقدمه السعودية من خدمات جليلة للحجاج والزوار والمعتمرين، والعناية الخاصة التي تمنحها للمدينتين المقدستين؟
موسم الحج من المواسم التي ترمى فيه بلادنا بسهام الإعلام المسمومة من الأعداء ووكلائهم، ومن وسائل الإعلام التي تحمل تساؤلاتها الكثير من الإساءة المبطنة، والرسائل التي تصل إلى عوام المسلمين الذين يعوزهم التفكير الناقد، ويفض لديهم تصديق الإعلام، وكأنه نافع عندما يروي عن ابن عمر رضي الله عنهما، ولعل أطرف هذه الإساءات- وشر البلية ما يضحك- ما نقلته وكالة الأسوشيتد برس من انتقاد لموسم الحج بحجة تأثيره على التغير المناخي!!. وتناسى المقال أثر الدول الصناعية العدو الأول للبيئة، فعجلة مصانعها تدور طوال العام، والحج خمسة أيام فقط، خالية من ملوثات البيئة، مع حرص الجهات المختصة على توفير متطلبات الحاج من مواد متوائمة مع البيئة، بالإضافة لطرق التعامل معها وفق الطرق المتعارف عليها علميًا وعالميًا.
يقف خلف كتابة هذا المقال أمران، أما أحدهما فهو تجني بعض وسائل الإعلام الأجنبية، وبإثارتها لأسئلة ملغومة، وبكل تأكيد أن هذه الوسائل ومن يسيرها لا تخفاه الجهود العظيمة التي تقدمها السعودية من أجل حج أمن ومريح، وأن ما تثيره من تساؤلات مبعثه هو الإساءة للسعودية، والتشويش على منجزاتها، فذوو النفوس المريضة يجدون لذتهم في التفتيش عن أخطاء العظماء، فالسعودية دائمًا تنجح بامتياز، وتثبت أن إدارة الحشود بكفاءة، أصبحت علامة مسجلة باسم السعودية. وأما الأمر الأخر وهو الرسالة التي تم نشرها من قبل التواصل الحكومي، وتحكي قصة إسلام القسيس إبراهيم، ثم حجه. فكم فرصة فوتناها على أنفسنا، تحكي قصص النجاح والتميز، والشعور بالامتنان لهذا البلد، ليس أخرها قصة الحاجة العراقية التي عبرت بكلمات عفوية صادقة بلهجتها العراقية الجميلة: بعد وصولها لمنفذ جديدة عرعر بقولها:” أني اقص قلبي فدوة للسعودية”، وغيرها كثير.

ما قام به التواصل الحكومي هذا ما كنت أطالب به منذ فترة ليست بالقصيرة؛ فالحج منجم مليء بالقصص التي يمكن أن يصنع منها محتوى إعلامي سهل التداول، عظيم الفائدة، بعد إنتاجه بطريقة محترفة، والترجمة لجميع اللغات، وخصوصًا التي يجيدها المسلمون، فالمعمرة الأندونيسية التي استضافها برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين، تمنيت لو أن فريقًا من الجهات الحكومية المعنية رافقها من سفرها من قريتها، وتحدث معها عن أمنيتها التي تحققت، ولقاء خاطف يروي مشاعر أهلها وجيرانها، حتى وصولها للمشاعر المقدسة، وعودتها إلى بلادها.
لك أن تتصور تأثير هذا المحتوى القصير إذ أنتج بطريقة مهنية خالية من الدعاية المبالغ فيها، ليس على العالم الإسلامي، بل العالم أجمع، هذا الحدث ممكن أن يتكرر مع ذوي الشهداء من فلسطين وغيرهم من مئات الجنسيات الذين استضيفوا في البرنامج، ليس هذا فحسب، بل هذا غيض من فيض، فرجال الأمن لهم قصصهم التي يمكن نقلها للعالم، والتي من خلالها تعكس إنسانيتهم النابعة من هويتهم وقيمهم، فرجال الأمن في كل مكان يطلب منهم فقط تأمين المنطقة التي يقومون بخدمتها، ولكن رجال الأمن السعودي يجمعون الأمرين.
وهذا الأمر يمكن تطبيقه على الممارسين الصحيين، والعاملين في جميع الخدمات، وأبناء السعودية الذين تطوعوا لخدمة ضيوف الرحمن، ولا يمكن إغفال إنتاج أفلام قصيرة جدًا عن الإنجازات والتسهيلات التي تم توفيرها من أجل سهولة الحج، وانسيابية الرحلة المباركة، فجسر الجمرات منشأة عملاقه، لا يمكن الحديث عن الحج دون المرور عليها، كم مهندس شارك في تصميمها، وكم طن من الخرسانة والحديد، في بطنها، وكم استغرق بناءها، والأهم عن دورها في خدمة الحجاج، وكيف كان الحج قبلها وبعدها؟
تطويع التقنية، طريق مكة، السوار الذكي، منصة الحج الذكي، مئات التطبيقات التي تساعد الحاج على أداء نسكه بيسر وسهوله، فمنها ما يعرفه بمناسك الحج وأركانه وواجباته، ومحظوراته، ومنها ما يقدم له خدمات طبية، وإرشادية، ونداءات استغاثة، وترجمة، واستكشاف نسبة الازدحام قبل التوجه لمنشأة الجمرات، أو المسجد الحرام، وغيرها كثير. كل هذه الجهود بحاجة للإفصاح عنها، وتقديمها بطريقة جذابة، وقصيرة، وبلغات متعددة. فتأثيرها متعدي، ومكاسبها متعددة، ونحن نتكلم عن حقائق موجودة، ومشاهدة، فالحجاج هم شهود العيان على ما ذكر.

قلت لصاحبي:
الحج عرفة.. والإعلام رسالة وتأثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى