المقالات

حج ١٤٤٤ ميسر بصورة تفوق الخيال

كانت تخشى الاختناق من الازدحام، وتعارض السيارات والتوقف في الأنفاق المظلمات، لكنها رأتها ميسرة..بصورة تفوق الخيال…كان فيها نورٌ يسطع من أفئدة الحجيج.. وكأن البشر والحجر تآلفوا للترحيب بها؛ ففي زحمة الحجيج كانت كأنها وحدها الحاجة رغم كثرة الأعداد من الحجاج الذين قارب عددهم المليوني حاج.
تراهم وتشعر بهم، ويُناجي فؤادك أفئدتهم فجوهر الدعاء واحدٌ، وإن تعددت اللغات، لا تشعر منهم بمزاحمة الأماكن الحافلات تسير بترتيب وتنظيم عجيب وسريع.. كل شيء مرتب ومنظم ومؤقت.
في اليوم الثامن وصلت الحاجة إلى مكة، وكغيرها من إماء الله وعباده طافت وسعت سعي الحج وطواف القدوم..
أوقات التفويج لكل مجموعة “حملة” محددة كمخطط هندسي فائق الإتقان، ومنظمة إلى حد الكمال….بأوقات الدخول والخروج ..
في اليوم التاسع تم التفويج إلى عرفات؛ فباتت تتذاكر وتذكر الله في المخيم المخصص لمجموعتها من الحاضرين بعرفات، وعند الأصيل دعاء وبكاء وأمنيات…إلى أن جاء وقت المغرب، وبدأت النفرة إلى مزدلفة..
لقد كان المكان الوحيد الذي شعرت به بالبطء والازدحام هو مكان السير للصعود إلى حيث قطارات المشاعر من عرفات إلى مزدلفة (النفرة) بُعيد الغروب… الملايين ينفرون كما روافد النهر، عشرات الروافد تصبّ في مداخل محطة القطار…
تمنت الحاجة تواجد مراوح مائية على كفاية كامل الطريق.. فهي لم تعتد على مثل هذا الازدحام.
يبقى الحجاج هناك يصلون المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا ويتذاكرون ويذكرون الله كثيرًا عند المشعر الحرام (فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ۖ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) (البقرة)
بعد الانتهاء من مزدلفة صعدت القطار إلى منى، وتم تفويجها مع مرشد “الحملة” إلى حيث رمي الجمرات في منى (ثمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(البقرة: 199)
فكان منظمًا لأن يسمح لها أن ترمي ملامسة لجدار الشيطان رمية اليوم العاشر..تكبر ثم تدعو فهو موضع مستجاب الدعاء…
تبيت في منى تذكر وتدعو وتتزوَّد.. ففي اليوم الحادي عشر تنطلق لرمي الجمرات فترى في طريق العودة من مرجم الشيطان إلى البرج الثالث؛ حيث موضع الحملة قرودًا تتسلق الجبال فتسبح الله وتحمده هذه المخلوقات العظيمة..
في اليوم الثاني عشر تنطلق من منى إلى مكة لاستكمال رمي الجمرات وطواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج يتم أداؤه في أي وقت من أيام الحج..
ومن الممكن احتسابه بنية إفاضة ووداع للمتعجلين لمن هم خارج منطقه مكة المكرمة، ولمن سيجعلونه آخر عهدهم من واجبات وأركان الحج..
كانت من المتعجلين أنهت واستكملت مناسك حجها بتكبير وحمد وشكر وتسبيح وذكر، كان الحج مزدحمًا، وكان فيه مشقة ولم يكن فيه وقتٌ للنوم لكنه حج منظم جدًا وميسر سريع الانتقال بأداء المناسك، والتنقل ما بين المشاعر بكل يسر وسلاسة، كان بتكاتف لجميع العاملين في هذه المواضع فتأبى النفس إلا أن تشكر الله هذا التوفيق، وهذا التيسير الحمدلله رب العالمين، وتتحرك القلوب والجوارح مهنئة وشاكرة بقلبٍ يخلو من هموم الدنيا، ويفيض بالامتنان.
أولًا: الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -يحفظهما الله-، تلك القيادة القوية الحازمة الراعية، وأتقدم لهما بالشكر والمباركة والتهنئة على ذلك النجاح العظيم بهذا العدد العظيم من الحجاج.
ثانيًا: الشكر لوزارة الحج هذا التنظيم المرئي في كل شىء، وفي جدولة مواعيد التفويج الصارم الذي لا يقبل الانفلات عن الأوقات المحددة.
يتيقن الحاج الدقة في العمل والتنظيم، وأنه بدراسات وتخطيط واضح؛ فلكم الشكر وزارة الحج هذه الدقة والإخلاص..
ثالثًا: الشكر لحملة المحمل التنظيم، والالتزام بالتفويج بالأوقات المحددة تمامًا والتقيد بتعليمات وزارة الحج، وتوفير العاملات والطعام والنظافة الدائمة والتواصل عبر الواتس اب مع الأستاذ يحيى المديفن والشكر كذلك للأستاذ عبدالفتاح المنصور منسق الحملة الذي كان يتواجد في كل مكان بكل جد وإخلاص.
رابعًا: الشكر لكل العسكريين والمدنيين وللمرشدين ولسائقي الباصات وتنظيم قوات الأمن، والمرور ولكل العاملين والعاملات من أجل إنجاح حج هذا العام.
خامسًا: الشكر والتهنئة لرفيقات السكن والأخوات في الله ورفيقات السكن؛ وكأننا سنبقى على عهد المحبة والإيمان ليوم نبلغه إخوة على سرر متقابلين..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى