تُمثل السياحة أمرًا مهمًا للإنسان؛ خاصة إذا كانت بعد سنوات حافلة بالجد والعطاء، وهي تأتي انطلاقًا من قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (العنكبوت: 20). هذه الثقافة تتجسَّد السياحة الثقافية، في شخصية معالي الدكتور بكري عساس، التي يصورها لنا من خلال جولاته السياحية للدول التي يزورها، وما ينتج عنها من تأثير نفسي من معايشتها على إثارة المشاعر الإيجابية، وتحسين المزاج، وتوليد الأفكار وإعادة الذكريات، وتغيير السلوكيات وتحسنها، وصقل الحواس، وما ينتج عنها من سياحة تأملية لعظيم صنع الخالق في جمال الكون بالانطلاق نحو أحضان الطبيعة الساحرة التي تُفسر قدرة الخالق فتكتسب السياحة لدى معاليه بعد العبادة لله لاستشعاره لمعانيها الإيجابية، وفي كونها تُمثل دافعًا للهروب من ضغوط الحياة ومشاكلها؛ للترفيه والاسترخاء والشعور بالسعادة والمتعة، وتحسين النفسية وتغيير الحياة إلى الأفضل. هذا بالإضافة إلى فوائدها فهي توفر الفرص لتكوين الصداقات بين أفراد من جنسيات مختلفة بعاداتهم وتقاليدهم، وما لديهم من جوانب حضارية.
كما أنها تُعزز من شخصية معاليه القوية عبر التعامل والتعايش مع الشعوب الأخرى. لما لذلك من دور في تقبل سلوكيات الآخرين لما لديه من عقلية منفتحة تتغافل وتتغافر، وتتأقلم مع الناس الذين يحتك بهم تماشيًا مع القول “كل واحد يعمل بأصله” وبمرجعية دينية تحث على التعامل بالحسنى والقول اللين، ولما لذلك الأسلوب من تأثير في سلوك الآخرين؛ لأن السلوك الإسلامي يُمثل دعوة إلى الإسلام، والشعور بالسعادة نتيجة ذلك وما تشمله تلك السياحة من بُعد اجتماعي وثقافي، وبُعد اقتصادي، وبُعد نفسي وإنساني.
يجمع معالي د. بكري عساس ما بين السياحة الوطنية والعربية والدولية؛ ولذلك هو يعمل كسفير لبلده في الخارج بشخصيته الأكاديمية المعتمدة على منظومة القيم الإسلامية مما جعله عند زيارته للدول يزورها بشخصية تعشق الأصالة وتُمارس المعاصرة بعقليته متفتحة مضبوطة بماضٍ عريق، وتجمع بين الثقافة الوطنية والثقافة الدولية بتجانس مقبول، مما يجعل إمكانية الاستفادة من تجربته في السياحة الدولية لخدمة السياحة الوطنية، كما أنه يواجه مواقف طريفة يتعامل معها بسرعة بديهة حكيمة، ويستفيد معاليه من السياحة من خلال ما يجلبه السفر من سعادة شخصية تجعل العقل يستعد لتجارب جديدة وتحديات غير مألوفة وانعكاسها على النشاط الفكري الذي نلمسه لمعالي د. بكري عساس؛ حيث وظَّف الاستمتاع السياحي لخدمة نشاطه الفكري عبر سلسلة المقالات التي تناول فيها مكة والحج وتراثها الإسلامي، وأصبحت وجبة دسمة لقُراء صحيفة “مكة” الإلكترونية، ما جعلنا نقول بأنه الحاضر الغائب، غائب عن مكة بجسده ولكنه حاضر فيها بفكره لأنها تسكنه؛ حيث نستشعر ذلك من كثرة المقالات التي كتبها عنها، وقدَّم نوعًا من السياحة الثقافية من خلال زيارة المكتبات، والمشاركة بحضور مختلف النشاطات الثقافية وزيارة الأماكن التاريخية والأثرية والكتابة عنها بطريقه تجعلنا نشاركه الجو السياحي الذي يعيشه حيث يرسم لنا بكلماته مشاهد مصورة عن تنقلاته بين الدول والمدن ومشاهداته لها وتفسيراته لأبعادها، وتزويدنا بمعلومات تفصيلية عنها بكتابة أدبية وإحصائيات رقمية وبيانات حسابية، ويمكننا نذكر بعض تلك المقالات كمقاله: “رحلة إلى (بومبي) ومقاله (مزارع الليمون)!!”، ومقاله: “المتلاعبون بالعقول!!”، ومقاله: “التناغم بين المجتمع والرؤية!!”، ومقاله: “الاقتصاد المعرفي ضرورة عصرية!!”، ومقاله: “رحلة حج الإمام الزمخشري!!”، ومقاله: “الملك ما نسا موسى ورحلته إلى الديار المقدسة!!”، ومقاله: “قصة إسلام القس إبراهيم ريتشموند!!”، ومقاله: “التطوع في خدمة ضيوف الرحمن!!” و زيارة مدينة (روما)… حج وبيع سبح، وغيرها من المقالات عن مكة وموسم الحج عبر التاريخ وعصرنا الحاضر، والتي أظهر فيها تطور خدمات الحج في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، ورعاية ولي العهد الأمين ورئيس مجلس الوزراء سمو الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله-.
عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام بجامعة أم القرى
0