المقالات

الإسلام دين الرحمة والمودة والتعاون

إن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحث في مجملها على توطيد أواصر المودة ورباط التعاون والإخاء بين المسلمين، والتي بها تسمو الأمة الإسلامية، ويكون لها العزة والمنعة.
وأن الأحاديث النبوية الشريفة التي تدعو إلى ذلك كثيرة، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس مِن نفسِ ابنِ آدَمَ إلَّا عليها صدقةٌ في كلِّ يومٍ طلَعَت فيه الشَّمسُ) قيل: يا رسولَ اللهِ ومِن أينَ لنا صدقةٌ نتصدَّقُ بها؟ فقال: (إنَّ أبوابَ الخيرِ لكثيرةٌ: التَّسبيحُ والتَّحميدُ والتَّكبيرُ والتَّهليلُ والأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عنِ المنكَرِ وتُميطُ الأذى عن الطَّريقِ وتُسمِعُ الأصَمَّ وتَهدي الأعمى وتدُلُّ المستدِلَّ على حاجتِه وتسعى بشدَّةِ ساقَيْكَ مع اللَّهفانِ المستغيثِ وتحمِلُ بشدَّةِ ذراعَيْكَ مع الضَّعيفِ فهذا كلُّه صدقةٌ منك على نفسِك) رواه ابن حبان في صحيحه.
ونجد في هذا الحديث الشريف معاني عظيمة لا يملك الإنسان أن يمر بها دون أن يقف عندها لحظات ليتدبرها، فيجد لها إيحاءات شتى تصل إلى أعماق النفس البشرية وإلى قرار الوجدان؛ فيهزها هزُّا ويوقع على أوتار القلب لحنًا صافيًا مشرقًا جميلًا يأخذ بالألباب.
ونتخير من هذه المعاني معنيين رئيسيين أولها: شحذ النفس البشرية وحثها على فعل الخير، وثانيها: تعزيز رباط المودة والإخاء والرحمة والتعاون في المجتمع المسلم.
إن هذا الحديث النبوي الشريف، يخرج بالصدقة من معناها التقليدي المتمثل في بذل الأموال والأشياء المحسوسة للفقراء فقط، إلى معناها الحسي والنفسي، ويقود بها إلى عالم رحيب ذي شمول واسع لا يضيق عن شيء، فإذا كانت الصدقة تنبع من معين الخير؛ فإن حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرجع مباشرة إلى هذا المعين، ليجعله ينتج ويفيض ويتدفق في كل اتجاه.
إن المحافظة على النظافة صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وكذلك إرشاد التائهين وإغاثة الملهوفين وغير ذلك من أعمال الخير والبر، والتي إذا احتسبها المسلم عند الله سبحانه وتعالى فإنها تكتب له صدقة، وإنها لفرصة عظيمة للحجاج خاصة وللمسلمين عامة أن يغتمنوا هذه المنح الإلهية الميسرة لكسب الأجر والثواب.
ونجد أن بعض ضعاف النفوس يوقعون الأذى بضيوف الرحمن عن قصد أو عن غير قصد، إما بإغلاق أو تعطيل الطرقات، أو بإلقاء النفايات والقاذورات التي تتسبب في انتشار الأوبئة والأمراض أو بالتهاون في المحافظة على المرافق العامة، فإذا كانت المحافظة على الشوارع والطرقات والأماكن العامة هي مطلب في كل مكان وزمان، فإنها أحرى وأوجب في هذه الأراضي المقدسة وفي هذه الأيام المباركة، فحريٌ بنا أن نمتثل لأمر النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وأن نغتنم الفرصة لكسب الأجر والثواب..
إن التعاون والامتثال مع البرامج والخدمات التي وفرتها حكومة المملكة العربية السعودية عبر كافة الجهات المعنية بهذا الأمر، والالتزام التام بالإرشادات والتعليمات، هو تعاون على البر والتقوى؛ حيث إنها وفرت كافة الإمكانات المادية والبشرية في سبيل تحقيق أرقى مستويات من الخدمات، وذلك لأن النفع الأكبر يعود على جميع المسلمين في هذه الأيام المباركة، وصدق الله تعالى؛ حيث يقول في محكم التنزيل (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2) فكل ذلك يعد سببًا لنجاح هذه الأعمال ورفع درجة الاستفادة منها لكافة المسلمين، والأهم من ذلك أنها سبب لكسب الأجر والمثوبة من رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى