قال صاحبي: لا تكاد تخطئ عين المراقب مع تزايد رمي السعودية بسهام الإعلام، حتى تكسرت النصالُ على النصال، لماذا استهداف السعودية بشكل عام، أو رموزها بشكل خاص، هل هذا الاستهداف ممنهج ومقصود، أم هو بشكل عفوي؟، يا صاحبي لقد ذكرتَ في مقالاتك ولقاءاتك التليفزيونية، وقاعات الدراسة أن حروب المستقبل، لن يقودها جنرالات، فهل نحن نعيش حربًا بأدوات غير تقليدية؟
يختلف تعداد القارات بين الباحثين باختلاف نظرتهم الجغرافية، وتعريفهم لمفهوم القارة، وعليه، فسوف أنظر من الزاوية التي تهمني، وهي ست قارات، موجودة على الأرض، والسابعة متأرجحة بين الأرض والسماء، وهي القارة الافتراضية التي صنعتها الإنترنت، وحمل هويتها ما يقرب من نصف عدد سكان الأرض، والعدد مرشح للزيادة، بتعدد وتطور التقنية وبرامجها.
هذه القارة الحديثة نسبيًا قربت البعيد، وأذابت الحدود، وتفوقت على توقعات عالم الاتصال الكندي مارشال ماكلوهان، عندما وصف العالم بالقرية الكونية، التي أضحت عالمًا متناهي الصغر، فالعالم أصبحت تحتويه مساحة كفك الواحدة، ليس هذا فحسب، بل إن هذه الثورة الرقمية، أشاعت الاشتراكية المعرفية، والاتصالية، ونشرت العدالة بين المستخدمين، فغدا الجميع مالكًا لقناته الإعلامية، وبضغطة زر، صار قادرًا على التواصل مع العالم في لحظات يسيرة.
ليس هذا فحسب، فالأهم هو قدرتها على إعادة الهيبة والقوة للرأي العام، بصناعتها الرأي العام الرقمي، القادر على جذب أعداد كبيرة من جميع أنحاء المعمورة من المؤيدين في غضون ساعات قليلة. فلم يعد السؤال في هذه الأيام بين المختصين حول مدى تأثير العلاقات الدولية المعاصرة على الإعلام مقبولًا، إذ قد تكون الحاجة أكثر إلحاحًا إلى طرح السؤال بشكل مقلوب عن تأثير الإعلام على العلاقات الدولية المعاصرة.
الأمثلة على ذلك كثيرة، ولن أتحدث عن أمثلة بعيدة، بل حديثي سيكون عن حالات محلية مشهودة، فحين أخطأ وزيران لبنانيان بحق السعودية، قام المغرد السعودي بواجبه الوطني، وصناعة موقفه الرافض لما صدر من الوزيرين، ولم يتوقف حتى تمت إقالتهما، وطي ملفهما من العمل السياسي، وانحسرت عنهما الأضواء، وباتا يعيشان وحدهما الحسرة والندم، ولات ساعة مندم.
تكررت الإساءة للسعودية وللخليج بصفة خاصة، وللعرب بشكل عام، بعد عرض المسلسل الكوري (ملك الأرض) والذي قدَّم صورة نمطية مبتسرة لم نعهدها إلا في أفلام هوليود، عن العرب، حينئذ كان للرأي العام -السعودي- الخليجي- العربي- الرقمي كلمته، وأسقط المسلسل بالضربة الإلكترونية، مما جعل بالقائمين عليه والرعاة له، والممثلين فيه يقدمون اعتذارهم، ومبرراتهم التي ينطبق عليها المثل (عُذر أقبح من ذنب!!).
وهنا لا بد من بعض التساؤلات المشروعة، والتي تبحث عن إجابات مقنعة، هل كان الهدف من هذا العمل هو صناعة دراما فقط، وأن الشخصيات من نسج الخيال، ولا تعبَّر عن الواقع؟ من خلال دراستي للإعلام تعلمت أنه لا يوجد مضمون بريء، وأن كل اتصال يحمل في باطنه رسائل ظاهرة ومستترة. من حيث التوقيت، يحتمل الكثير فالموقف السعودي والخليجي، وربما العربي، في عدد من المناسبات، كانت تحذر من شبكة نتفليكس وغيرها من المضامين الإعلامية غير المنضبطة، وتدعو لاحترام قيم وهوية الآخر، وأن هذه القيم تُورث ولا تفرض.
إذا نظرت للشخصية التي مثلت دور العربي فتجدها ممثلًا هنديًا يجيد اللغة الكورية، وسحنته وملامحه قريبة للعربية، وصورته الذهنية لدى الجمهور غير محبوبة، وخصوصًا في أفلامه الأخيرة، وأما اللباس فهذا يخص العرب والخليجيين في هذا الكوكب دون سواهم، وأما الثراء فهو للخليجيين أقرب. جميع ما سبق يعني أن المقصود هو الشخصية الخليجية فقط، وهذا يسقط جميع مزاعم وادعاءات القائمين على هذا العمل. بل يؤكد وجود القصد في عملية الاغتيال المعنوي للشخصية الرسمية الخليجية.
قلت لصاحبي:
“لو غير ذات سوار لطمتني”.