إنَّ البيئة هي المكان الذي يحيط بنا جميعًا؛ فالشجرة نستظلّ بظلّها ونستنشق هواءها، فهي شريان الحياة الذي نتقاسم معه وقود الحياة وطاقتها من أجل بنائها وعمارة الكون والمحافظة عليه.
فكَمْ من بيئةٍ دُمِّرت! فضاق المكان بأهله ولم يعُد صالحًا للحياة والاستيطان البشري، وأصبح طاردًا للإنسان، فعندما تزداد الفجوة بين الإنسان والبيئة وتتَّسع مساحة التدمير لها وانتشار الملوِّثات بها، تصبح مصدر خطر على حياته واستمراريته، لاختلال التوازن البيئي الذي وضعه الله سبحانه وتعالى في الكون.
إنّ استشعار مسؤوليّتنا تجاه البيئة والمحافظة عليها أمرٌ حثّ عليه ديننا الحنيف، وجعل الأجر والثواب لمن يحافظ عليها ويعمِّر هذا الكون وفق منهج الله سبحانه وتعالى؛ حيث يهنأ العيش وتستقرّ الحياة ويقلّ القلق تجاه البيئة من انتشار الملوِّثات حولها، فالماء والهواء والتربة النّظيفة، من العوامل البيئيّة الرئيسة المؤثِّرة في صحة الإنسان وبناء مجتمع حيوي قادر على مقاومة الأمراض والمحافظة على صحته.
فتنمية الوعي لديه بأهمية المحافظة على البيئة، والمشاركة والمساهمة الفاعلة في تبنّي السلوك الحضاري الذي يُبنى على قيم الحياة، واستبدال الممارسات الخاطئة والسلوكيّات التي تضرّ بالبيئة بممارسات وسلوكيات صحيحة، تعزِّز نشر الثّقافة البيئيّة وتبنّي الإنسان الاتّجاه الإيجابي نحو البيئة ومكوِّناتها.
هذا ما أكَّدته رؤية ٢٠٣٠؛ التي قامت على مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح في ظلّ قيادة وتوجيه خادم الحرمين الشريفين ومتابعة سموّ سيّدي ولي العهد، التي أكدت على جودة الحياة من خلال برامجها في تحقيق التنمية المستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعيّة للأجيال اللاحقة، والحدّ من ظاهرة التصحّر وتشجيع الممارسات الصحيحة التي تعزّز أهميّة البيئة والمحافظة عليها، فانطلقت السعوديّة الخضراء التي تهدف إلى رفع مستوى جودة الحياة وحماية البيئة للأجيال القادمة، وإعادة تأهيل واستعادة المساحات الخضراء الطبيعيّة في المملكة، وتشجيرها بـ١٠ مليارات شجرة، وحماية المناطق البرِّيَّة والبحريّة، وقد انبثقت عنها العديد من المبادرات التي تحقَّقت -على سبيل المثال لا الحصر- زراعة أكثر من ٨ ملايين شجرة، وزراعة أكثر من ٦٠ ألف شجرة في مدينة الرياض ضمن تلك المبادرات.
إنَّ هذه الجهود تتطلَّب إبراز الآثار السيِّئة لسوء استغلال المصادر الطبيعيّة، وما يترتَّب عليها من آثار اقتصاديّة واجتماعيّة ونفسيّة، ومحاولة تفاديها من خلال تضمين المناهج الدراسية أنشطةً وبرامجَ تعزِّز المحافظة على البيئة، وتطوير إستراتيجيّات التّدريس التي تعتمد على تفاعل الطلبة بأسلوب حلّ المشكلات، والعمل الجماعي والزيارات الميدانيّة من أجل تنمية الوعي لدى الطلبة وإيجاد اتّجاه إيجابي نحو البيئة يعزِّز السلوك المنضبط الذي يحافظ على البيئة.
إنَّ المواطن والمُقيم يلمس تكامُل الجهود في نشر الوعي البيئي من خلال برامج وزارة البيئة والمياه والزراعة، ومبادراتها التي تعزِّز أهمية المحافظة على البيئة وحمايتها والتواصل معهم من خلال برامج التواصل الاجتماعي والمنصّات التي أنشأتها لتعزيز ذلك وإيصال صوتها لهم.
وكذلك لن ننسى جهود المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر، الذي من مهامه وضع مبادرات وبرامج ومشروعات لتنمية الغطاء النباتي، ومكافحة التصحّر ومتابعة تنفيذها وحماية مناطق الغطاء النباتي بجميع بيئاته والموارد الوراثية النباتيّة، والعمل على زيادة نسبة الغطاء النباتي في جميع مناطق التنمية ومتابعة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة والسعودية الخضراء.
إنَّ تكامل الجهود في تعزيز قيم المحافظة على البيئة وتأصيلها يتطلَّبان توحيد الجهود واستشعار المسؤولية تجاه البيئة، وتنميتها بما يضمن تحقيق مبادرات الرؤية والتفاعل معها وتقديم مبادرات تعتمد على الابتكار والإبداع، من أجل المحافظة على البيئة وتحقيق مبادرة السعودية الخضراء التي هي مسؤولية مشتركة من الجميع.
دام عزّك يا وطني…
0