المقالات

أنت في عين الآخر

” الإنسان ثلاثةُ أشخاصٍ في صورةٍ واحدة، الانسان كما خلقه الله، الإنسانُ كما يراهُ الناس والإنسان كما يرى نفسه.

وما يجز الأعناق ويستبيح الأحداق ما يراه الناس وهذا ما يعنينا من كلام “هولمز” وتلك النظرة وإن كانت نظرة إلا أنها تقتضي الحكم بالتهوين حيناً والظلم حيناً آخر والقدح في أحايين كثر.

جرت الأقدار أن الانسان وما يحمله من قيمة هي حبيسة الغيب، وربما حتى عن نفسه، فما بالك بغيره، ولذلك تسلّطت الألسن فيما تعلم وما لا تعلم، “ولا سبيل إلى السلامة من ألسنة الناس” كما قيل.

تكون تلك الألسن سموم قاتلة بخطابات الاستئذان التي تؤخذ سلفاً لتمارس قدرتها، ولا تلتهمك حين تلتهمك إلا بوجود آذان تسمع، وقلوب تعي، وعقول وطُنت لتتلقّف.

لم نخلق لنرضي الجميع، بل لا يستقيم هذا المطلب، ولا يصح هذا القصد، وهو منافي للطبيعة، مخالف للوجود، معارض وبشدة لقانون الحياة، وأزعم أنكم تعلمون، وحتما لن نكون نسخة مكررة في أعين الناس وما أن تجد مادحاً إلا ويقابله قادح أو أكثر، بل وربما أضعاف، وبهذا جبلت أعين الناس على ترقب النقص قبل حدوثه، وتناقله قبل ثبوته، والظن به بلا بينة والحكم بفساد المقصد إن حسن الجهد وأثمر الجد.

“والله لو صاحب الانسان جبريلا.. لم يسلم المرء من قال ومن قيلا

قــد قيل في الله أقوالاً مدبجة.. تتلى إذا رتـــل القرآن ترتيلا

قد قيل أن له ولداً وصاحبهً.. زوراً عليه وبهتاناً وتضليلا

هذي مقالتهم في الله خالقهم.. فكيف لو قيل فينا بعض ما قيلا

وعوداً على بدء فان ما تراه أنت عن نفسك وإن كان في بعض الأحيان يشوبه بعض الظلم إلا أنه أحق قطعاً من نظرة الأخرين لك، لان نظرتك وإن حكَمها الجهل فقد خلت من النوايا المعتمة والدسيسة الجوفاء في أجواف البلهاء.

حاكمية تلك النظرة وإن لم تكن دقيقة إلا انها أقرب للتصديق وأحق بالبقاء، فقد تشعل جذوة العطاء، والاعتداد المفضي الى البناء، كما أنها تتسم بالصدق، والوفاء لتلك الروح الموهوبة، وتفتح الطريق لإنصاف محتمل.

لست محور للكون نعم، ولكن لست مرضياً من هذا العالم على أي حال ولست هنا لأحرر افتراض عداوة تنمّط حياتك مع الآخرين، ولكن ما يهمني أنك لم تخلق لترضي الجميع ويكفيك أن ترضي من حقه الإرضاء فقط… وهم قلة، وتضرب الذكر صفحاً عمّا لا يهمك إرضاءه، وعزائك أن رضا الناس غاية لا ينبغي أن تتعب فيها نفسك، وأن هذا هو الأصل.

ختاما.. رضا الناس ينبغي ألا تكون غاية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى