المقالات

رحلة البحث عن اسمي

“عبد الحميد” اسم غريب في الإمارات وقطر والبحرين وعُمان، ولقد شاهدت علامات الاستفهام لدى الكثير عندما يسمع أو يقرأ الاسم عبد الحميد الرميثي إماراتي وكأنها تركيبة غلط، فالأسماء الشائعة هي: سلطان وعبيد وسعيد، وحميد وخليفة وغيرها من أسماء إلا عبد الحميد ….
سألني الكثير عن كيفية تسميتي وعلى أي أساس، وقد سمعت الكثير من التفسيرات أو الفتاوى؛ فالبعض قال: ربما سموه على اسم الأديب عبد الحميد الكاتب، والبعض قال: إنه تيمنًا باسم عبدالحميد السراج أحد الأسماء في عصر الوحدة المصرية السورية، ولكن الإجابة كانت عند والدي وفي منتهى البساطة.
أخبرني والدي -رحمه الله- أنه عندما كان يعمل في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية وتحديدًا في الخبر، كان له صديق من الحجاز اسمه عبد الحميد، وربما تيمنًا أو تاكيدًا لصداقته. قرر أن يُسميني باسم صديقه رغم أن الاسم كان غريبًا ونادرًا. لم أسأل والدي -رحمه الله- المزيد لأني لم أكن مهتمًا بذلك ولكني علمت أن عبد الحميد هذا كان من الحجاز، ويعمل في الخبر مع مقاول معروف اسمه عبد المطلوب.
خلال السنوات العشر الماضية بدأ اهتمامي بتاريخ المكان والتراث، ولسبب لا أعرفه بدأ اهتمامي بمعرفة من هو الرجل الحجازي صديق والدي الذي سُميت على اسمه. كلما تعرفت على شخص اسم والده عبد الحميد سألته ان كان والده قد عمل في الشرقية، وبالأمس تحدثت مع الأخ الأستاذ/ حاتم عبد الحميد خيمي فسألته إن كان والده -رحمه الله- قد عاش فترة من عمره في المنطقة الشرقية؛ فقال: لا لكنه كان بحكم عمله متنقلًا بين مناطق المملكة المختلفة.
وفجر اليوم وكالعادة إذا أردت أن تتحدث مع شباب جيل الطيبين فإن الفترة التي تعقب صلاة الفجر هي أفضل وقت؛ فأرسلت رسالة إلى الصديق العزيز المهندس/ خليل فران وهو أحد أعضاء مبادرة ذاكرة الخبر التاريخية، والتي أعتبرها من أروع المبادرات التي يجب أن تدرس في الجامعات وتحذو المدن الأخرى نحوها؛ لأنها توثيق لتاريخ الخبر جغرافيًا وزمانيًا وثقافيًا، وبشكل تفصيلي كل منزل وجيرانه.
تواصلت معه وأخبرته هل من خلال رصدهم لذاكرة وبيوت الخبر هل يعرف شخص اسمه عبد الحميد، وكان يعمل في شركة عبد المطلوب في الأربعينيات، وهذا كل ما لدي من معلومات، وكان رده سريعًا ومفاجئًا.
نعم المقاول هو محمد عبد المطلوب معوض، والشخص المقصود هو عبد الحميد طحلاوي، وكان يعمل سائق شاحنة في تلك الفترة مع هذا المقاول -رحمهم الله- جميعًا وأضاف بأن أبناء العم عبد الحميد هم محمد وفخري، ودرسا في مدرسة الخبر الأولى في الفترة 1962 – 1968 مما يعني مزيدًا من تأكيد ذاكرة الزمان والمكان.
وهكذا وجدت إجابة كنت أبحث عنها لسنوات، ويصعب أن أصف لكم شعوري بالسعادة في تلك اللحظة التي تعرفت فيها على شخصية الرجل الذي سُميت باسمه “عبد الحميد طحلاوي” من ينبع، شخصية عصامية أدرك أهمية العلم والمعرفة فكرس جهده من أجل تعليم أولاده الذين تبوأوا مكانتهم في المجتمع.
نعم أنا سعيد بهذه المعلومة، وطالما كنت أردد أن اسمي من أصل حجازي، وهذه صورة والدي عبدالله نجم وصديقه عبد الحميد طحلاوي -رحمهما الله- وأسكنهما فسيح جناته، ورحم الله والدينا جميعًا.

Related Articles

One Comment

  1. الفاضل الغالي اسماً ورسماً؛ الدكتور عبدالحميد الرميثي حفظه الله وأبقاه
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    اطلعت على مقالتك الرائعة، التي شرحت للقارئ الكريم رحلتك في البحث عن اسمك!! وأقول بصدق أنها مست من شغاف قلبي مكاناً قصياً، كان حتى قرأتُها عصياً على الشجن والعواطف، فأسعدتني نوعاً من السعادة لم أشعر به منذ أمدٍ بعيد. وكنت، قبل قراءتها، قد تواصلت مع الحبيب الغالي المهندس خليل فرّان، الذي أطلعني، مشكوراً، على تحاوركما عبر الوتسآب حول الموضوع نفسه، ومع أن الحوار الذي اطّلعت عليه أبهجني بهجةً عظيمة، إلى أن اطلاعي على مقالتك نقل بهجتي إلى آفاقٍ أوسع وأرحب وأجمل. وكل ما آمله الآن هو أن تُتاح لي فرصة لقائك، والتشرّف بمعرفتك، إن في بلادك الغالية، أو بلادك الثانية.
    أشكر لك ما انطوت عليه مقالتك من صدقٍ في المشاعر، وإنسانية رائعة، ووفاءٍ غير مستغرب، وأسأل الله أن يسرّك في نفسك وفي من تُحب بكل ما تُحب من خير الدنيا والآخرة.
    دمت سالماً غانماً لمحبيك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button