في إطار تفعيل السياحة الداخلية ودعمها مادياً ومعنويا بكل جديد تأتي فكرة هيئة السياحة بإدخال القرى الأثرية في قائمة المزارات السياحية الترفيهية وفي منطقة الباحة ربما كانت قرية ذي عين من أوائل القرى الأثرية التي دخلت موسوعة مثيلاتها في مناطق الاصطياف في الجنوب من المملكة العربية السعودية وبالتحديد منطقتي عسير والباحة فكانت القرى القديمة محل اهتمام جهات الاختصاص الممثلة بالهيئة العامة للسياحة والآثار وفروع وزارة السياحة في المناطق المعنية بتنفيذ خطة الوزارة ضمن رؤية المملكة 2030م وفي الباحة تأتي قرية الأطاولة الأثرية في المرتبة الثانية ثم قرية الموسى وقد ينضم لها مستقبلا قرى أخرى غير المتاحف الخاصة المنتشرة في المنطقة التي تجمع تراث وموروث المنطقة تهامة وسراة وبادية .
مهرجان الأطاولة هذا العام قد لا يختلف كثيرا عن الأعوام الماضية من حيث الفعاليات وثبات الأمكنة اللهم إن هناك بعض الاستثمارات وانتشار بعض الباعة من الأسر المنتجة وأصحاب الحرف اليدوية التقليدية الذين يشاركون بتقديم ما يرونه مرتبطا بالآثار القديمة أو بعض المستجدات وهم منتشرون في جنبات الطرق داخل القرية ولكن الذي يستغربه الزائر وأنا أحدهم أن مدة ستة أيام تم اقتطاعها من برنامجهم المعتاد لصالح جهة ذات علاقة بالاستثمار وبالسؤال لبعض المنظمين ماذا أضافت للبرنامج المعتاد فلم أجد ولم يجدوا ما يميز الأيام الستة التي مرت وتنتهي الخميس من هذا الأسبوع بل غيروا سياسة البرنامج وتحكموا في المكان بصورة أفقدته بعض الميزات التي كانت مريحة للأسر والأطفال وكبار السن وحولوا المكان إلى جلسات على الأرض والجدران وتم إلغاء بعض الفعاليات التي كانت تستقطب الجمهور فضلا عن عدم وجود ما يبرر اختراقهم لبرنامج القرية الذي لم يضاف له الجديد وإن كان مكررا إلا أن القرية كانت آهلة بالزوار السواح وأهل المنطقة العائدين وبحسب سؤال بعض المعنيين بالتنظيم أيضاً أفادوا بأن الجهة التي استثمرت القرية في هذه الأيام وضعت بعض الأكشاك في سوق ربوع قريش القديم لأصحاب الحرف المشاركين ولم تقدم أي جديد سوى الهيمنة على المكان وفرض الشروط التي غيرت من تنظيم اللجنة المكلفة من الأهالي بالقرية .
علمت من أحد المعنيين في القرية بأن وزارة السياحة مشكورة خصصت مبلغاً يقدر بعشرات الملايين لخطة مستقبلية لتطوير القرية على شكل دفعات متزامنة مع جدول نوعي معيّن ستبدأ بدفعة قدرها سبعة عشر مليون ريال للبنية التحتية للقرية وبيوتها وطرقها ومعالمها الأثرية من بعد انتهاء المهرجان الحالي وهذا يعتبر قمة العطاء من الدولة ممثلة في الوزارة المعنية بالسياحة والآثار والتراث سينقل المكان نقلة نوعية ولكن يتبادر للذهن طرح هذا السؤال : ماهي البنية التحتية للمكان الذي قد لا تزيد مساحته عن ألفي متر مربع مقابل الدفعة الأولى من الدعم وماذا عن المشروع ما بعد البنية التحتية مقابل بقية المبلغ الذي سينفق على تطوير القرية ؟ نتمنى أن نجد الإجابة من فرع الوزارة بالمنطقة في مؤتمر صحفي يعنى بهذه القرية وغيرها لنعلم مسبقا ماذا سيكون وضع القرى الأثرية بعد هذا المبلغ الكبير الذي لا نشك في مخرجاته إلا بأنها ستكون فوق الخيال والواقع .
طرح احد الزملاء الإعلاميين المعروفين من قرية الأطاولة فكرة استغلال المبنى الذي كان مقراً لنادي العين ( زهران سابقاً ) أيام تأسيسه لأن يكون مرجعا لكل ما يتعلق بالنادي منذ التأسيس حتى وقتنا الحاضر وتزيينه بصور مجالس إدارته ولاعبيه وبعض مكتسبات النادي من البطولات التي حققها في جميع الدرجات ولا يمنع أن يكون هناك شاشة عرض في مكان مناسب واضح للرؤية لاسيما وأن المبنى يقع في ناصية القرية المجاورة للشارع المؤدي إليها وبحكم رؤيتي للمكان فإني أثنّي على طرحه وأتفق مع اقتراحه ويمكن الاستفادة من الدعم لتزيينه بما يتفق والهدف من إحياء المكان بالتراث والموروث .
هناك مهن وحرف وعادات وتقاليد غير التي عرضت في هذا العام والأعوام الماضية نتمنى أن تتم دراستها وإضافتها في الأعوام القادمة ليرى الزائر فعاليات جديدة تحاكي القديم بكل معطياته وأدواته وآلياته وأن تتاح الفرصة لعقد اجتماع يشارك فيه بعض الرموز من أهل القرى المجاورة لطرح ما لديهم من رؤى تسهم في تنوع النشاط وتفعيل كل جديد من الفعاليات بصورة تعيد الماضي لساحة الحاضر وفق إعلان يراه ويسمعه الكثير من أبناء المحافظة بالمساهمة وبما لديهم من مقتنيات قديمة كهبات منهم للقرية وأن يقام لها مكان مخصص عليه لوحة تبين أن الموجودات عبارة عن تبرعات ومشاركات من الأهالي لصالح القرية وأن تكون بأسماء المتبرعين بحسب حجمها ونوعيتها كإضافة جديدة .
إنعطاف قلم :
لا تحاول استغلال جهود الآخرين وتصنع من تقاطعك مع تلك الجهود عروشاً خيالية مقابل عائدات مادية لصالحك لأن هذا يعني ممارستك للفساد على أكتاف الغير وتدعي أنك أنجزت وتتخيل أن الناس لم يفهموا أنك لم تقدم الشيء الذي يشفع لمكاسبك المادية أمام مشروعاتك الوهمية .
0