يقول المؤلف ديل كارنيجي: تتحقق الكثير من الأشياء المهمة في هذا العالم لأولئك الذين أصروا على المحاولة بالرغم من عدم وجود الأمل، ومن مقولة حكيمة كهذه نستنتج أن الأمل حافز وهمي أي أنه غير ملموس أو بطريقة أخرى هو موهبة عدم الإحساس باليأس.
لذلك على الإنسان أن يعمل بجد ما دام قادرًا على التنفس والحركة، وهناك العديد من الأمثلة لأشخاص أثروا البشرية بعلمهم وجهدهم وهم في سن متقدمة من العمر. فالحياة لا تتوقف عن الحركة بسبب بعض خيبات الأمل، كما أن الوقت لا يتوقف عندما تتعطل الساعة عن الدوران، كما قال الفيلسوف اللبناني جبران خليل جبران.
تناولت بعض المواقع خبرًا غريبًا، وهو حصول البريطاني “نيك أكستين” في سن (76) عامًا على شهادة الدكتوراة في علم الاجتماع . كانت طريقة حصوله على الشهادة غير مألوفة، لأنه أمضى نحو (52) عامًا، وهو يدرس ويمارس البحث العلمي حتى حصل على الدكتوراة، وهو في السادسة والسبعين من العمر.
بدأ الطالب مشواره الأكاديمي بداية في العام 1970م في تخصص علم الاجتماع الرياضي بجامعة “بيتسبرغ” بولاية بنسلفانيا الأمريكية، وبعد خمس سنوات من الدراسة والبحث توقف وعاد إلى بلده بريطانيا دون الحصول على الشهادة. واصل بعدها دراسته الجامعية العُليا في بريطانيا؛ حيث التحق بجامعة “بريستول” البريطانية الواقعة بمدينة بريستول جنوب بريطانيا إلى أن منحته درجة الدكتوراة بحضور زوجته وأحفاده، عن بحثه الذي قدمه في نظرية جديدة لفهم السلوك البشري والذي يستند إلى القيم التي يحملها كل فرد منا، والتي يعتقد الدكتور “أكستين” أن لديها القدرة على تغير وجهة نظر علم النفس السلوكي. وعن ذكرياته خلال المدة الطويلة التي قضاها للحصول على الدكتوراة، قال “أكستين”: “في البداية كانت لا تزال لدي قوة الزهور، وكان هناك إحساس ثوري، لقد كان وقتها اندلاع حرب فيتنام، وباريس وبراغ واعتصامات الطلاب”، وتابع :”كان جاك سترو رئيسًا لاتحاد الطلاب، أصبح علم الاجتماع وعلم النفس فجأة من الموضوعات الهامة التي ازدهرت في تلك الأيام، وذهبت لدراستها لأنني أردت أن أفهم الناس على حقيقتهم”، وتابع قائلًا: إنه أحب وقته كطالب ناضج في جامعة بريستول، حيث كان جميع طلاب الدراسات العليا في الفلسفة-والكلام للدكتور “أكستين” في الثالثة والعشرين تقريبًا، لكنهم قبلوني كواحد منهم، إنهم أذكياء مملوءون بالأفكار وقد أحببت التحدث معهم”. إن قصة “أكستين”، ومن قبله قصة عالم الكيمياء الأكاديمي “جون جوديناف” الذي حصل على جائزة نوبل في الكيمياء وهو في عمر(97) عامًا، بعد عدم التجديد له في جامعة أكسفورد كعضو هيئة تدريس بحجة بلوغه السن (65 ) عامًا وهو السن القانوني للتقاعد في أكسفورد، في خطوة كانت من الممكن أن تبعده تمامًا عن الحقل العلمي.
إن طريقة تغلب هؤلاء الرجال على الصعاب تُمثل رسالة لكل إنسان أن لا يستسلم لليأس، وأن عليه أن يتأمل قصص أمثال هؤلاء الرجال العظماء، وكيف تغلبوا على لحظات القنوط والفشل التي قابلتهم خلال مسيرتهم الحياتية.
0