المقالات

مدير عام الهنود الحمر

يروى أن إحدى قبائل الهنود الحمر سألوا زعيمهم الجديد: هل سيكون الشتاء القادم باردًا أم معتدلًا؟ وعلى الرغم من أن زعيمهم لا يملك أية خبرة ولا حتى أدنى معلومة في مجال شؤون الطقس؛ إلا أنه أراد أن يثبت لهم رجاحة عقله ورصانة تفكيره وحدس توقعاته، فأجابهم بحذر: نعم سيكون الجو باردًا وعليكم أن تبادروا بجمع الحطب للتدفئة! وبعد فترة وجيزة أراد الزعيم التأكد من صحة توقعاته، فاتصل بمصلحة الأرصاد، وسألهم: هل سيكون الشتاء القادم باردًا؟ فأجابه الموظف المسؤول: نعم سوف يكون الطقس باردًا جدًا.

قام الزعيم بجمع رجال قبيلته من جديد وحذرهم قائلًا: الشتاء هذا العام سوف يكون أكثر برودة، فاجمعوا كل ما تصل إليه أيديكم من الحطب. وبعد أيام أراد الزعيم أن يتأكد من أن التوقعات لم تتغير، فعاد واتصل بموظف الأرصاد ليطرح عليه نفس السؤال، فأجابه الموظف: نعم سيدي سوف يكون الطقس مرعبًا في برودته وسيشهد هذا العام برودة لم يعرف لها الناس مثيلًا منذُ عقود طويلة. فسأله الزعيم ولكن عزيزي كيف عرفتم ذلك الأمر؟ فأجابه الموظف: لأن الهنود الحمر يجمعون الحطب بجنون وبشكل غير مسبوق منذُ أكثر من شهر!!

هكذا تدار الأمور لدى كثير من الناس وكذلك هو الوضع السائد في عدد من المنظمات؛ حيث يشبه حالها تمامًا حال زعيم قبيلة الهنود الحمر مع موظف الأرصاد فكلاهما يعتمد على الآخر علمًا أن الاثنين يجهلان أية معلومة صحيحة عن حال الطقس يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ القرار المناسب، والاستعداد والتخطيط للمستقبل بصورة صحيحة.

عندما يتم تكليف شخص بإدارة منظمة ما، وهو لا يعرف اختصاصه أو حتى طبيعة مهامه ولا يجيد التعامل مع أدوات وعناصر العمل ناهيك عن جهله بأساليب ومصادر جمع المعلومات بصورة دقيقة، مع إصراره على أنه يعرف كل شيء بينما هو على أرض الواقع لا يفقه من الأمر شيئًا؛ وبالتالي من المؤكد أن تكون النتائج كارثية وأن لا تخرج المنظمة من معضلة إلا وتقع في معضلة أكبر منها، والحل بكل سهولة واختصار يكمن في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدًا عن مكابرة زعيم الهنود الحمر وجهل وتخلف موظف الأرصاد.

لدغة ختام:
المنظمة التي تُدار بعقلية زعيم الهنود الحمر حتمًا سيكون منسوبوها على شاكلة موظف الأرصاد. ومن الطبيعي أن يتفشى الصراع بين منسوبيها ويزداد معدل التسرب الوظيفي والهروب الجماعي إلى مؤسسات أخرى، وسيضرب الفساد الإداري والمالي أطنابه في كافة مفاصل المنظمة؛ حتى وإن توهم مديرها أنها المثال الذي يُحتذى به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى