سؤال مُجرد
نكاد نتفق جميعًا على أن المرأة هي نصف المجتمع وتصنع نصفه الآخر، وأن صلاح حالها واستقرارها اجتماعيًا يُشكل الركيزة الأساسية لاستقرار وصلاح المجتمع، ومما لا شك فيه أن ظهور بعض المشهورات النسويات في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الذكور الذين يتبنون الفكر اليساري، ويتماهون معهن في طرحهم الذي ينادون من خلاله بتخبيب المرأة على زوجها بدعاوى الاستقلالية والقوة وأن المرأة ليست بحاجة إلى رجل لتكتمل حياتها، وأن وجود الرجل في حياة المرأة يدمرها ويسلب شخصيتها، وظهور عبارات (اخلعيه)، و(وش تبغي فيه؟)، و(ارمي له عياله خليه يبلش فيهم)، وغيرها من الهرطقات ودعاوى الشذوذ المُعلنة والمبطنة في هذا الطرح المخالف للفطرة الإنسانية السوية الذي يستميت اليسار العالمي ومؤيديه من بعض اليساريين والنسويين والنسويات في المملكة، وإن كانت أعدادهم قليلة، إلا أن تأثيرهم يتصاعد في علاقة طردية مع أعداد متابعيهم في منصات التواصل الاجتماعي، مما يُشكل خطرًا على التركيبة الاجتماعية، ولا بد من وقفة صارمة من الجهات المختصة لمحاسبة من يدعون إلى هذا الفكر.
يُشير تقرير المرأة السعودية للعام 2022، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، إلى أن عدد النساء السعوديات من سن 15 سنة إلى أكثر من 65 سنة، بلغ 6,150,616، (وهذا العدد لا يشمل المواليد الإناث وحتى قبل بلوغ 15 عامًا)، وأن اللائي لم يسبق لهن الزواج من سن 15 سنة إلى أكثر من 65 سنة (علمًا بأن السن المسموح للمرأة بالزواج فيه هو 18 عامًا)، بلغ 2,092,797 ما يعني أن أكثر من 34% من السعوديات لم يسبق لهن الزواج، وهو رقم كبير بلا شك، خاصة أنه يشمل فئات عمرية كبيرة، الأمر الذي يحتاج إلى دراسة حالات مكثفة ودقيقة وشاملة، ولا نكتفي بإحصاء الحالات وعدها فقط، فبالتأكيد أن هناك عوامل أخرى قد تتسبب في عدم الزواج أو العزوف عنه، وربما منها العضل، أو عزوف الشباب أنفسهم عن الزواج وغيرها ولا بد من الاستفاضة في دراستها.
كما أشار التقرير إلى أن السعوديات المطلقات من سن 15 سنة إلى أكثر من 65 سنة في العام نفسه، بلغ 397,436 ما يُشير إلى أن قرابة 6.5% من السعوديات مطلقات، فيما أشار مجلس شؤون الأسرة في دراسة أخرى، إلى أن حالات الطلاق في المملكة لم تتجاوز 29,513 حالة طلاق فقط في العام 2022 (حسب إحصائيات وزارة العدل)، وأن حالات الطلاق انخفضت بنسبة 16% من عام 2020 حتى 2022، وبصرف النظر عن هذا التفاوت الكبير في الإحصائيات بين الهيئة والمجلس، والذي يحتاج إلى إيضاح من الهيئة ومن المجلس ومن وزارة العدل، إلا أن إحصائيات حالات الطلاق هذه مقلقة في كلتا الدراستين، وتحتاج أيضًا إلى دراسات مُعمقة وشاملة، ولا يكتفى فيها بالإحصائيات وحدها.
لقد أصبح لزامًا إقرار فحص للحالة النفسية وتقرير إرشاد أسري، وإقرار فحص المخدرات للمقبلين على الزواج، تقر جميعها مع الفحص الطبي المعمول به حاليًا، وأن تخصص فصول وأبواب ضمن المناهج الدراسية الاجتماعية في المرحلة الثانوية (بنين وبنات) تختص بالحياة الزوجية وتشرح لأبنائنا وبناتنا الطرق المثلى لبناء الأسرة السليمة والتعايش والمودة والرحمة بين الزوجين.
وأطالب الجهات المختصة (وزارة التعليم، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ووزارة العدل، ووزارة الصحة)، بتبني مثل هذه البرامج والفحوصات، وأكاد أجزم أن الكثير من الآباء والأمهات سيطالبون بها أيضًا، والتي من شأنها أن تُساهم كثيرًا في ضبط سلوكيات الشباب والفتيات، وتمضي بنا نحو مجتمع سليم وزواج متكافئ أخلاقيًا وسلوكيًا بين الزوج والزوجة، يحقق أكبر قدر من الاستمرارية، ويواجه كل الأفكار الشاذة التي تدعو لتفكيك الأسرة.