وضع معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور/ محمد عبد الكريم العيسى -حفظه الله- حجر الأساس لبناء مسجد النجاشي ووقف الأولية في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا. إن إحياء اسم النجاشي وتخليد اسمه وتخليد ذكراه إحياء لقيم التسامح ونصرة المظلوم والعدالة. هذا الرجل العظيم تروي أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- عن حال الصحابة في كنفه -رحمه الله- فتقول: لما نزلنا أرض الحبشة، جاورنا بها خير جار – النجاشي -، أَمِنَّا على ديننا، وعَبَدْنا الله -عز وجل-، لا نُؤذَى ولا نَسمَع شيئًا نكرهه.
بهذه الخطوة العظيمة يؤسس معالي الأمين العام لمشروع يخدم مسلمي أثيوبيا، ويعزز التعايش بين مختلف مكونات المجتمع الأثيوبي. وفي الحفل البهيج الذي أُقيم بهذه المناسبة ذَكَّر معاليه الحضور بما قام به الملك النجاشي من إكرام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمايتهم، وأشار معاليه أن رابطة العالم الإسلامي تقدم خدماتها للمسلمين والإنسانية، وهذه هي رسالة الإسلام.
وهذه مبادرة أخرى تقوم بها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين بتكريم الرموز الإسلامية والإنسانية التي أسهمت في بناء عالم أفضل. يُمثل النجاشي -رحمه الله- رمزًا شامخًا في مكارم الاخلاق وشيم العظماء في التاريخ بإيواء اللاجئين وتأمين الخائفين الذين فروا بدينهم فآواهم ونصرهم وأكرمهم. لقد سبق بفعله ذلك المعاهدات الدولية التي تنص على حماية اللاجئين وإيوائهم. ليس هذا فحسب بل في ذلك الزمان استمع إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منهم أن يتلوا عليه شيئًا مما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى هو ومن معه من القسيسين عندما سمع كلام الله تقول أم المؤمنين ام سلمة -رضي الله عنها- ففي النجاشي وأصحابه نزل ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ [تَرَىۤ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقِّ]﴾.
وقد أشاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنجاشي وصلى عليه عند وفاته صلاة الغائب. قال جابر بن عبدالله قال: ماتَ اليومَ عَبْدٌ لِلَّهِ صالِحٌ أصْحَمَةُ، فَقامَ فأمَّنا، وصَلَّى عليه. مسلم: 952. وتشرَّف النجاشي بأن كان وكيلًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تزوج بأم حبيبة بنت أبي سفيان؛ حيث تزوجها وهيفي الحبشة، ونرى في هجرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيًا في الحوار وفهم الدين يتجلى في العرض الذي تقدم به جعفر بن أبي طالب للإسلام في بلاط النجاشي. ركز جعفر -رضوان الله عليه- على المشترك الإنساني فبدأ بتوحيد الله سبحانه وتعالى ثم إلى مكارم الاخلاق التي دعا إليها ديننا الحنيف، وبذلك العرض المبارك من جعفر -رضي الله عنه- اقتنع النجاشي أن هذه الرسالة ما هي الا امتداد لدعوة الأنبياء والرسل. فإحياء اسم هذا الرمز في عاصمة الحبشة وتسليط الضوء على حياته وإسهامه في حماية الدين لفتة كريمة من بلد كريم، وتقوم به مؤسسة كريمة بقيادة معالي الشيخ الدكتور محمد عبد الكريم العيسى صاحب الهمة العالية والرؤية المستقبلية التي تؤسس لقيم التعايش والمواطنة.
- مستشار الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية لشؤون الفتوى وعميد كلية الدراسات الإسلامية قسم اللغة الإنجليزية في جامعة مينيسوتا الإسلامية فرع أثيوبيا