هذا العنوان كان موضوع بحث قدمته لسعادة مدير عام التعليم بالرياض الدكتور عبدالله المعيلي -رحمه الله- ١٤١٩هـ وأشاد به في حينه بخطاب شكر رسمي مرسل لي، وأنا حينها أعمل مشرفًا تربويًا، ولعلي ذات يوم أفرغ لطباعة ما لدىّ من أبحاث تكون على الأقل ذكرى للأبناء والأحفاد.
ورحلتي مع التعليم لم تبعدني عن المساهمة في الأنشطة والخدمة المجتمعية على مستوى الوطن فكنت شغوفًا بمتابعتها والمشاركة فيها مما عاد بفوائد عظيمة انعكست على أداء العمل، وكذلك في أموري الحياتية بشكل عام.
ورغم أن التعيين قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن كان الأمر فيه سعة من حيث الاختيار إلا أني اخترت الأحساء كنقطة بداية من ثانوية المبرز، وتعايشت مع الأجواء الثقافية والأدبية التي يتسم بها فضاء الأحساء الثقافي بتنوع راقٍ من خلال منتدياته الثقافية بل كنا ونحن نسافر من الرياض إلى الأحساء في القطار نجد الثقافة والأدب حاضرة تحدثًا وحوارًا ومداخلات، ومن بعد ذلك للرياض عاصمتنا الحبيبة في ثانوية الشوكاني، ولم أكن غريبًا عنها فهي مقر جامعة الملك سعود التي تخرجت فيها ولم أطيل المكوث بالرياض لأواصل المسير إلى مكة المكرمة بثانوية سولة والحديبة وكان للأستاذ سليمان الزايدي مدير عام التعليم بمكة دور كبير الأثر في التوجيه وإثراء الميدان التربوي
وكان لمعالي الشيخ راشد الراجح دور بارز في إقامة مؤتمر معلم التعليم العام بجامعة أم القرى؛ وبحضور قيادات التعليم والجامعات، وترشحتُ للحضور ببحث عن أداء المعلم وأثره التربوي.
وفي عامين من العمل الماتع خرجتُ بخبرات واسعة اكتسبتها من كثير من الزملاء قبل أي ميدان آخر
شاء الله أن يرفع أسمي كمرشح للتوجيه التربوي لكن لظروف خاصة انتقلت لتعليم النماص بمدارس التحفيظ بسبت تنومه، وكان ذلك العام من أجمل سنوات الخدمة لأني أفدت كثيرًا من العلامة الشيخ محمد بن ناشع وهو مدير تعليم سابق ومشرف المادة والأستاذ سالم مصطفى الحامدي كمدير تعليم -رحمهما الله- بالإضافة للزميل د/ ظافر حبيب العمري، والذي أصبح مديرًا للتعليم بعد ذلك حتى تقاعد مشكورًا.
ورغم جمال العمل في هذه المناطق ومنطقتي الأم إلا أنني قبلت الترشح للتوجيه بتعليم وادي الدواسر لعامين من أميز الأعوام بقيادة الأخ الغالي -رحمه الله- الشيخ على بن ناصر الوزرة وكيل الوزارة وعضو مجلس الشورى كمرحلة بعد انتقاله للرياض
وأنا كذلك عدت للرياض موجهًا ثم مشرفًا تربويًا ومشرف تدريب تربوي ومعلمًا حتى التقاعد.
ومن خلال هذا التنقل والتطواف في وطني الغالي
أجد التعليم من أجمل وأجل الوظائف لأن المعلم يبني العقول، ويرسخ حب الدين والوطن في وجدان الناشئة.
وهذا يجعل المعلم ينظر لعمله من شقين الشق الأول:
كمهنة عليه مسؤولية الموظف الذي تحكمه قوانين الخدمة المدنية حضورًا وانصرافًا، وتقييم الأداء والتعامل مع من هو أعلى منه أو في مستواه أو تلاميذه أو أولياء الأمور أو محيطه العام من الجهات في القطاعين الحكومي والأهلي؛ فهو موظف عليه تبعات التعلم المستمر وحضور الندوات في عمله وتقديم الأبحاث بما يكفل التطوير المستمر والتميز الدائم والتجديد وفق ذلك.
وفي الشق الآخر: نجد المعلم يحمل رسالة سامية تنتج أثرها التربوي يتشارك معه الأسرة والمجتمع بشكل عام لإعداد الجيل للحياة؛ وليكون فيها مواطنًا صالحًا يسهم بمثاليته وحسن تعايشه وحواره مع محيطه الإنساني بشكل عام في هذا الكون الفسيح بكل مجالاته المترابطة بفعل المكون التقني الذي جعل كل البشر في مجاله عبر الإنترنت والفضاء المفتوح بشكل لا يقبل النأي بالجانب عنه.
وعليه فإن الرسالة العُظمى للمعلمين والمعلمات عظيمة، وتتطلب الإخلاص لله وبذل الجهد، والعناية والرعاية بالطلاب والطالبات بما يحقق لهم الفهم لدينهم وواجبهم لوطنهم وولاة أمرهم وما يجب عليهم من الإسهام في دفع عجلة التقدم والازدهار؛ كي يواصلوا ما بناه الآباء والأجداد فالعلم وسيلة النهضة والرقي للأمم والشعوب.
إن المعلم المثالي يعتبر مرآة وقدوة لطلابه وكذلك المعلمة؛ فإذا كان الأسلوب حسنًا والقدوة ماثلة للطلاب والطالبات فإن الاقتداء سيتحقق بشكل سهل وميسر، وفي الجانب الآخر يجب أن نتخذ من الحوار أو التدرج في الأسئلة من سؤال لآخر ومن الجزئيات الي الكليات منهجا في التدريس وأن نُبقي الإلقاء كملخص في آخر المحاضرة أو الدرس مع توظيف الموقف التعليمي للتوجيه لأهمية هذا الأمر فهو من أجمل أساليب ترسيخ المعلومة.
وفي الختام أهمس في أذن الزملاء والزميلات في الميدان التربوي،
إن الطالب والطالبة يَفِيدُون إلى مدارسكم وهم تقريبًا على ثلاثة
مستويات ممتاز -وجيد -وضعيف،
اجعل من الدرس الأول والثاني لحصر ومعرفة كل صنف من الطلاب ودوّن ذلك في سجلك ثم
اجعل من الممتاز مبدعًا
ومن الجيد جيد جدًا
ومن الضعيف جيدًا
فإذا فعلت ذلك فأنت في أول درجات المعلم المتميز، وإذا تجاوزت هذا وحققت الامتياز للجميع كنتَ رائدًا ومبدعًا، وحُق لك أن تكون المعلم المثالي على مستوى إدارة التعليم وأحمد الله إني حققت هذا عام ١٤١٤هـ في توجيه الطلاب وإرشادهم كما احمده أني لم أغضب من طالب أو معلم طوال فترة خدمتي فكل الشكر لولاة الأمر وللوطن الذي قدم لشعبه كل التسهيلات، وقبل هذا وبعده الشكر لله وكل عام وتعليمنا ووطننا في جميع المجالات بخير وتقدم وازدهار.
– مشرف تربوي متقاعد