الثقافيةحوارات خاصة

الدكتورة فاطمة الزهراني: مرضى “التصلب المتعدد” يحتاجون للدعم النفسي والمادي.. والرفاهية الزائدة سبب انهيار الحياة الزوجية

الباحة – حوار: آمال محمد

المرأة نصف المجتمع وفي وطننا تقوم بدور فعال في خدمة دينها ووطنها وقيادتها في شتى المجالات تحقيقاً لرؤية المملكة 2030، ومن بين الشخصيات البارزة في العمل النسائي الدكتورة فاطمة سيحان الزهراني، التي قدمت الكثير من الأعمال والأدوار المختلفة، رغم مصادفة بعض التحديات في حياتها العلمية والعملية والصحية، إلا أنها بالإصرار والعزيمة تجاوزت كل العقبات والمصاعب، لذلك حرصت “مكة” الإلكترونية على مقابلتها للتعرف على تجربتها، وكيف تمكنت من استمرار مشوارها في العمل الاجتماعي رغم الظروف التي واجهتها.. عبر الحوار التالي:

*في البداية نريد تعريف القراء بشخصك الكريم؟
– فاطمه الزهراني ناشطة في العمل الخيري والتطوعي حصلت على الماجستير والدكتوراة في المجال الخيري، وعلى المستوى العائلي عندي 5 أولاد -الله يحفظهم-، إبراهيم استشاري باطنة (تخصص دقيق مناظير)، وأسامة مهندس معماري ضابط بالحد الجنوبي والآن مبتعث في أمريكا، والدكتورة أريج، وأنس مهندس كهربائي في البحرية، وخالد طالب جامعي، واجتماعيا محبة للعمل التطوعي ومحبة لخدمة المجتمع والإنسانية في كل مكان.

*حدثينا عن مولدك ونشأتك وحياة الطفولة؟
– ولدت في المدينة المنورة وعشت فيها طفولتي، ثم تزوجت وانتقلت للمنطقة الشرقية، حيث يعمل زوجي موظف في أرامكو، وكانت طفولتي غير عادية، فلم أمسك بعروسة وألعاب، ولكن تربيت على يد والدي وكان حريص أن يجهزني لأكون مسؤولة في المستقبل، فكنت ملازمة له اتعلم منه المبادئ والقيم والتواصل مع الناس.

*كيف أثرت تربيتك الجادة على وضعك حاليا؟
-كنت قيادية من صغري وكانت طفولتي شديدة بحكم أن والدي شديد ما يرضى بالخطأ، وإذا أخطأنا نتعرض للعقاب، والخطأ عنده غير مقبول، وتربينا على احترام الناس وخدمتهم والعطف على المحتاجين، ورغم أن والدي كان شديد لكن داخله إنسان رحيم وعطوف.

*هل تذكرين نبذة عن سيرتك العلمية ومسيرتك العملية؟
-تزوجت وأنا صغيرة وأكملت تعليمي المتوسط والثانوي عند زوجي، وتخرجت من الجامعة بتخصص لغة عربية وعملت كمعلمة لمدة ترم واحد، بعدها اشتغلت في المشاريع الوزارية، وعملت في دمج التربية في التعليم والتطوير، وفي مناهج اللغة العربية ونظام المقررات.
وأثناء هذه المرحلة أصبت بمرض التصلب المتعدد، وأخذت منحى آخر من هذه المشاريع، ورجعت مديرة مدرسة مطبقة نظام مقررات لمدة 4 سنوات، وكان لي فيها بصمة، حيث كانت المدرسة تعمل خارج الصندوق ووضعنا فيها (التوطين بالتدريب_ الرياضة _ نظام التنقل)، وكانت هذه المدرسة نموذج مختلف، وطبعاً هذه الأشياء موجودة حاليا وأنا طبقتها من عام 1425.
في عام 1430 تقاعدت تقاعد عجزي بسبب الضغط الذي عانيت منه بسبب مرضي نتيجة رفض المسؤولين للأفكار الجديدة التي طبقتها بالمدرسة واضطررت للتقاعد تقاعد مرضي.

*وكيف أكملت مشوارك في ظل تلك الظروف؟
– جاءتني فرص عمل أفضل، وصرت مستشارة في كذا جهة بالسعودية وخارجها، مثل دبي والبحرين وقطر، في مجال التخطيط والتطوير بالتعليم، بعد ذلك التحقت بمشروع وطني (هيئة تقويم التعليم والتدريب)، وعملت معهم كإخصائية تقويم مدرسي، وإلى الآن مستمرة معهم، وفي 2015 اتجهت للمجال الخيري وبدأت في تأسيس جمعيات، وعام ٢٠١٨ حصلت على الماجستير في إدارة المنظمات غير الربحية، والآن أنا متفرغة وأشرف على جمعياتي ومع هيئة تقويم التعليم.

* ذكرت أنك اصبت بمرض التصلب اللويحي، حدثينا عن هذا المرض وكيف استطعت التغلب عليه؟
– أصبت بهذا المرض في 2004، وعلى مدار 20 سنة تعرضت لإعاقات كثيرة، أول إعاقة كانت لمدة 4 سنوات في 2005، وفي 2018 أصبت بإعاقة ثانية، وفي 2020 أصبت بإعاقة ثالثة، وبدأت أتجاوز هذه الإعاقات بفضل الله ثم بفضل عدة أمور، أهمها الالتحاق بالعمل التطوعي، وهذه إحدى المحفزات بعد الله تعالى لاستعادة الصحة، كما أنني غيرت طريقة حياتي وطريقة أكلي وعرفت أتعامل مع المرض، وابتعدت عن كل شئ سلبي، وتعلمت من السفر بالخارج لمصحات العلاج التأمل أو التنفس أو العلاج بالفن، وبدأت أمارسها.

*كيف كنتي تتغلبين على المرض طوال تلك الفترة؟
– المرض له ألف وجه ووجه مختلف، ما أعاني منه الشهر الماضي يختلف عن الشهر الحالي، كما كان يؤثر على التركيز والذاكرة، ويؤثر على العمل، ويسبب رعشة في الجسم وفقدان للتوازن، كما أن المرض نفسه مجهول.

*حاليا تشغلين منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة أرفى.. حدثينا عن هذه المؤسسة؟
– أنا رئيسة مجلس إدارة جمعيتين، جمعية أرفى في المنطقة الشرقية، وجمعية وسم في جدة، وعضو مؤسس في جمعية عزم في منطقة حائل، هذه الجمعيات أهدافها واحدة وهي التركيز على توعية المجتمع بهذا المرض وتركز على تقديم الدعم النفسي للمرضى وأهاليهم، والمساهمة في تقديم الخدمات لمريض التصلب المتعدد مثل الأدوية والعلاج الطبيعي والنفسي، وتقديم الخدمات المساندة مثل الأجهزة والأدوات، وأيضا تقديم الاستشارات، والجمعيات تؤدي دورها لكنه صعب بالنسبة للمجتمع، لأن المجتمع لا يؤمن بمثل هذه الجمعيات، لأن ليس لديهم مصاب بهذا المرض، ولا يعرفوا تأثيره على المريض.

*ما المشاكل التي تعاني منها خلال إدارتك لتلك الجمعيات؟
-تعاني الجمعيات من قلة الدعم والتسهيلات، وتحتاج من وزارة الصحة بالدرجة الأولى توعية المجتمع والقطاع الحكومي والقطاع الخاص، وتساهم في تسهيل التحديات اللي نعانيها مع شركات التأمين، لأن عندنا مرضى مقيمين ترفض شركات التأمين صرف الدواء لهم بسبب قيمته المرتفعة، ووزارة الصحة لها دور كبير في حل هذه التحديات، كما نحتاج إلى المزيد من التفاعل والدعم في منصات التبرع مثل شفاء وإحسان.

*ما هي أبرز العقبات التي واجهتك خلال مسيرتك؟ وكيف استطعت تجاوزها؟
– صادفت الكثير من العقبات، عقبات تخص مرضي من ناحية عدم وعي المجتمع بالمرض، ومن ناحية الفكر لأني أعمل خارج الصندوق، والكثيرون لا يتقبلون هذا الفكر أو يؤمن به، ولكن مع رؤية المملكة أنا أسميها “السعودية الجديدة بالفكر الجديد”، فكر محمد بن سلمان، الفكر الشاب، قدرنا نتجاوز هذه العقبات.

*قبل عدة أيام أطلق أهالي قرية الموسى فعاليات الدار ومن ضمنها بيت العروسة.. ماذا تستهدف هذه الفعالية؟
– مرض التصلب المتعدد له 3 أعداء (الحر -الضغط النفسي-الجهد)، والباحة بحكم أن أهلي من هنا ولنا مكان فيها، كل صيف أكون في الباحة، وهذه السنة نظمنا مبادرة مع أهالي قرية الموسى (مهرجان الدار التراثي)، وكان يهدف إلى إحياء الموروث للجيل الحالي، وكان عبارة عن عدة فعاليات أهمها بيت العروسة، وفي بيت العروس حاولنا نحاكي بيت العروس، وضعنا السرير معلق نفسه ووضعنا فتحة أسفل اسمها (الخواه) تنزل تحت في الأسفل، يعني ان العروسة لا تشعر بالراحة لأن عندها حلال لازم تهتم به وتأكله وتشربه، وفي زاوية البيت كان فيه (ملة) وهذا المكان للطبخ والعجن، ونظمنا متحف فيه لوحات فنية تمثل كل لوحة أعمال المرأة قديماً بالتعاون مع الفنانة ساميه الغامدي.

*ما الفرق بين زوجات الماضي وزوجات الحاضر؟
– زوجات الماضي لا يوجد مثلهن لا في حياتهن ولا في صبرهن، كان الرجل قاسي وحياة المرأة قاسية، كان هم الزوجة قديماً (الوادي-البير-العجين-الخبز) وكيف تقدر توفي التزاماتها تجاه بيتها، لأن بيتها لم يكن لها وحدها ولكن معها الحمولة (إخوان الزوج وأم الزوج وأبو الزوج)، فكانت مسؤولة عن هذا البيت ولم يكن لها رأي، كل شئ مفروض عليها، ورغم ذلك كان عندها تقدير كبير للزوج والحياة الزوجية وتقدير لوالد زوجها وأمه.

*وكيف اختلف الوضع حاليا في الزواج؟
– الوضع الحالي اختلف تماماً (رفاهية -راحة)، وصار لها رأي وتقدر تختار أبسط الأشياء، ولكن حاليا أصبح عندنا قلة احترام للحياة الزوجية، وبسهولة الرجل يطلق، وبسهولة المرأة تخلع زوجها.

*ما الفرق بين شروط العروسة قديما وشروطها في وقتنا الحاضر؟
– في الماضي كانوا بسيطين جدا في المهر والمقاضي، أهم شئ تعرف تطبخ وتفهم أمور البيت، الآن أصبح المهر عالي فوق قدرات الشباب ومتطلبات العروسة كثيرة (شبكة وملكة وحفل الزواج) ومصاريف كثيرة وتجهيزات البيت، والبعض يطلب عاملة وسيارة، وهذا سبب تأخر الكثير من الشباب والبنات عن الزواج.

*هل لديك كلمة أخيرة نختم بها هذا اللقاء؟
– بعد أيام يصادف اليوم العالمي للإنسانية، وأنا أوجه رسالة لكل من يقرأ، أن الصحة كنز على رؤوس الأصحاء، ولمن فقد صحته أقول لا تيأس، يوجد الكثير مثلك، حاول أن تنظم لكوكبة المتطوعين والناس التي تخدم في الجمعيات الخيرية، لأن هذا يعطي طاقة وتسخير من رب العالمين، وآن الأوان أن تكون أولوياتك مختلفة، ويكون اهتمامك بنفسك وبقدراتك هي رقم واحد، وأنا أدعو جميع أفراد المجتمع أن ينضموا لجمعيتنا (جمعيات التصلب المتعدد) لأننا نشعر بوحدة في هذا العالم الكبير بحكم أن المرض مجهول، فوجودك معنا في الجمعية يعطينا دعم وقوة على الاستمرارية، وكل الشكر والتقدير لكم ويعطيكم العافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى