ما يحدث في النيجر لهو أمر غريب جدًا، ليس ممّا عمله الانقلابيون، فهو عمل همجي غير مقبول ولا أحد يؤيده، بالرغم من كون الانقلابات في أفريقيا عمومًا ليست حالة خاصة بل معتادة ومكررة..
ولكن الغريب في الأمر ردود فعل الغرب تجاه الانقلاب في النيجر، وتحديدًا ردة فعل فرنسا، التي لم تستوعب الانقلاب من شدة الصدمة لضياع مصالحها وتواجدها في النيجر لعدة عقود من الزمن، وهم ينهبون خيرات النيجر من اليورانيوم والذهب والغاز وخلافه، إلى درجة أن الانقلابيين أمهلوا السفير الفرنسي ثمانية وأربعين ساعة لمغادرة النيجر، واحتشد الشعب النيجري أمام القاعدة الفرنسية لتأييد قادة الانقلاب والتنديد بتواجد القوات الفرنسية والمطالبة بمغادرتها النيجر، ومع ذلك لم يزداد الفرنسيون إلا عنادًا ومكابرة وعدم خضوع لسلطة الانقلاب، بالرغم من أن الانقلابيين – سواءً رضيت فرنسا أم أبت – هم الذين يحكمون النيجر حاليًا ولا يوجد مجال للمكابرة، ولكنها المصالح الفرنسية التي تكاد أن تضيع، والتي بُنيت تحت نظر وموافقة الرئيس المحتجز محمد بازوم..
ورأيي هذا لا يعني تأييدي لأي انقلاب ضد السلطة التشريعية والدستورية لأي بلد سواءً في النيجر أو غيرها، إلا أنه من الواضح أن الغرب يكيل بمكيالين في هذا الموضوع وفق المصالح التي تحرك مشاعرهم وتبنى عليها مواقفهم، فإن كانوا مستفيدين من الانقلاب التزموا الصمت أو صرحوا بأن تلك الحالة حالة خاصة وشأن داخلي يتعلق بالشعب وبالبلد الذي حصل فيه الانقلاب، وليس لهم كدول أجنبية أي دخل فيما يحدث لكونه شأنًا داخليًا !!
بينما لو كان الانقلاب يُعارض مصالحهم ويهدم مشاريعهم الاستعمارية، فعند ذلك تثور ثائرتهم ويتغير الموقف، ويصبح من واجبهم التدخل والتنديد بالانقلاب وعدم الاعتراف به أو الخضوع لتعليماته كما حدث في النيجر !!
ما أقبح الغرب عندما يكون منهجه في التعامل مع الأحداث، هو تقديم مصلحته على مصالح الشعوب المستضعفة، وما أتعس الشعوب عندما يكون استقرارها وأمنها مرتبطًا بالقوى الاستعمارية الكبرى.
0