المقالات

قصص نجاح بعد سن الأربعين!!

قصة وردت في كتابِ “الجواهرِ والدُّررِ” في ترجمة شيخ الإسلام لابنِ حَجَرٍ العسقلانيّ:
‏كان الإمام أبو الحسن علي بن حمزة الكسائيُّ -رحمه اللهُ- راعيًا للغنم حتى بلغ أربعين سنة من العمر، وفي يومٍ من الأيام، وهو يسير رأى أُمًا تحثُّ ابنها على الذهاب إلى الحلقةِ لحفظ القرآن الكريم، والولدُ لا يريدُ الذهاب.
‏فقالتْ له أمه: يا بُنيَّ اذهَبْ إلى الحلقة لتتعلم، حتى إذا كبرتَ لا تصبح مثل هذا الرَّاعي!
‏فقال الكسائيُّ في نفسه:
أنا يُضربُ بي المثل في الجهل وعدم التعلم؟!
‏فذهبَ، فباعَ غنمه، وانطلقَ إلى العلم والتعليم وتحصيله حتى أصبح إمام الكوفيين في اللغة والنحو، وإمامًا في القراءات وفي النحو وسابع القراء السبعة، ويعد المؤسس الحقيقي للمدرسة الكوفية في النحو، وأصبح معلمًا لابني الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد الأمين والمأمون، وكان يُضربُ به المثل في علوِّ الهمَّة!
إن العجز والاستسلام ليس له عُمْر، لأنه ليس مرتبطًا برقم معين بقدر ما هو مرتبط بعقليَّة الفرد، وطريقة تفكيره، ونظرته إلى الحياة!
وهناك الكثير من الأمثلة لأشخاص نجحوا وأبدعوا وخدموا البشرية بإسهاماتهم، وهم في سن متقدمة من العمر:
‏فقد تعلَّمَ “أبو الفتح بنُ الجوزيِّ” القراءات العشر وهو ابنُ ثمانين سنة.. درس وآلف وهو صاحب المقولة المشهورة: “الكتب هم الولدان المخلدون”.
‏ومنهم الأمريكي “هنري فورد” الذي أسَّسَ شركته العملاقة “فورد للسيارات”، والتي أحدثت ثورة في وسائل النقل والصناعات الأمريكية، لدرجة أنه أصبح واحدًا من أشهر وأكثر الأشخاص ثراءً في العالم حين بلغَ من العمر الخامسة والستين، فمهما كان عُمرك يمكنك أن تبدأ!
‏ومنهم أيضًا “هارلاند ساندرز” الذي بدأ حياته كأحد العاملين البسطاء، وانتهى به المطاف إلى أن يكون سفير الدجاج المقلي الشهير حول العالم، فقد أسَّسَ سلسلة المطاعم الشَّهيرة “كنتاكي” وهو في الثانية والسِّتين من العمر، توفي عن عمر يناهز 90 عامًا، وقد ترك تراثًا كبيرًا في عالم المطاعم وصناعة الوجبات السريعة، وعلى مر السنين تطورت سلسلة مطاعمه (KFC) حتى أصبحت من أشهر وأكبر سلسلة المطاعم حول العالم.
وأخيرًا “فرانك ما كورت” الكاتب والمدرس الأمريكي، قصته واحدة من قصص أشخاص ناجحين تعدوا الستين؛ حيث ذاعت شهرته بعد سن الخامسة والستين، فقد أصدر حينها روايته الشهيرة “رماد الملائكة” التي نال عنها جائزتي بوليتزر وجائزة رابطة النقاد الوطنية الأمريكية. ولم تتوقف إسهاماته عند رماد الملائكة فقط، بل قدَّم للعالم العديد من الأعمال الأدبية منها “كيف هي أمريكا” عام 1999م، وكذلك “المدرس” عام 2005م، وغيرها من الأعمال التي جعلت اسمه يُطلق على العديد من المتاحف والأماكن الهامة تكريمًا لما قدمه من أعمال أثرت الساحة الأدبية.
وهناك الكثير من الأمثلة لأناس لم ييأسوا وعملوا دون كلل وأثبتوا أن الأمور تتعلق بالهمم لا بالسنوات، بالعقلية لا بالشيب، بالنظرة إلى النفس والحياة لا بالتجاعيد..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى