المقالات

حتى لا ينهار سقف البحر

سمعتُ صوتًا قادمًا في أحد الحوارات لمجموعة من الشباب، لمصطلحات غريبة، جعلت منى أفكر كثيرًا عن هذه الكلمات، وبحثت عنها في معاجمنا العربية؛ فلم أجد لها معاني.
قبل أيام كنت مع أب وطفل الذي لم يتجاوز التسع سنوات، ودار بيننا حديث والطفل غارق في هاتفه الذكي، فاستنهضته بسؤال، حتى أخرجه من غرقه، وقلت ماذا تحب أن تصبح إذا كبرت إن شاء الله، وكانت الإجابة صادمة لي فعلًا.
قال حافظ إبراهيم: (أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ، فهل سألوا الغواص عن صدفاتي) نعود لما قاله الطفل، قال: أنا (يوتيوبر) فقلت ما معنى ذلك، قال أصمم أفلامًا وقصصًا ومقاطع، وأصبح مشهورًا على اليوتيوب. هذا هو مستقبله !!! عجبي.
نعود لحافظ إبراهيم. عندما وصف اللغة العربية بأنها كالبحر الواسع وحروفها ومعانيها كالأصداف والدرر الثمينة، أجيالنا أصبحوا (يوتيوبر – سنبر – تيك توكر -….إلخ) مصطلحات (متغربة) لا توجد في بحر حافظ إبراهيم وكل عربي.
لغتنا هي لغة القرآن الكريم، وهي أصل كل عربي، وكل من يعيش على كل البلاد العربية، نفتخر بها ونُفاخر، نتمسك بها ونورثها إلى الأجيال.
علق الأمير خالد الفيصل قبل فترة على تعليق أحد الحاضرات، وردت عليه بكلمة (ok) -كتبتها قاصدًا باللغة الإنجليزية – قال بعد أن اشتاط غضبًا أن التقدم لا يعني أن أتحدث بالمصطلحات الغربية، وأوضح للناس أنني متقدم، وفعلًا كان على حق.. للأسف نُشاهد الآن أن معظم شبابنا عندما يتحدثون في أي مكان عام أو خاص، يخلط بين كلمات عامية ومصطلحات غربية، وتصبح الجملة التي يرغب في إيصالها غير مفهومة، ولا تعلم ماذا يريد، وإذا حاورته باللغة العربية، استغرب من كلامك، وتعجَّب !.
العرب قديمًا كانوا يُخرجون أبناءهم إلى صفاء البادية بعيدًا عن المدن والقرى، حتى يكتسبوا اللغة العربية الصحيحة، وينموا فيهم هذه اللغة وفي تعاملاتهم، حتى لا يلحن في القول.
علينا نحن الآباء أن لا نحرمهم تعلم كل ما هو جديد وحديث ومتطور يُساعد في بناء مستقبلهم، ولكن يجب علينا أن نتمسك بلغتنا الأساسية في تعاملاتنا الحياتية، ونعلمها لأجيالنا من بعدنا.
حتى لا تصبح لغتنا، سقف بحرها يتشقق وينهار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى