حزينة تلك الرسائل التي كُتبت بمداد الإحساس ونقاء الشعور وصفاء السريرة، ولكنها كتبت ولم تصل لمن أرسلت إليه وإن وصلت لم تقرأ، وإن قرئت في وقت متأخر؛ فقد ذبلت المشاعر والأحاسيس الذي كتبت بها في وقتها؛ فأصبحت باهتة المعنى باردة الشعور.
كم من رسالة أرسلت وكان نصيبها الإهمال؟
كم من رسالة أرسلت ولم تصل ليد الآخر؟
كم من رسالة أرسلت مات صاحبها ولم يرَ محتواها ومشاعرها التي تفيض بين حروفها؟
لقد كانت لي تجربة قبل عام مع رسالة تجمع بين التهنئة والدعابة، أرسلت في حينها لعزيز، ولم أتلقَ منه الرد، فنسيت أمرها مع الأيام والأحداث، وخلال بحثي بين الجوالات القديم والجديد في الرسائل وجدت تلك الرسالة العالقة والمحفوظة، والتي لم تصل لصاحبها فقد فارق الحياة -رحمه الله-، ولم يقرأ ما كتبت ولم يدرِ بما تمنيت وبما أثنيت، رسالة كانت حية مُفعمة بالحيوية، والآن كأني ذبلت معها ومع أفول وقتها، واهتراء محتواها، رغم أني أسقيتها من سحائب عيني، ولكن لم أستطع أن أحيي حروفها، فقد ماتت مع صاحبها، لم يبقَ إلا عبق ذكراه، وطيوفه الباسمة، وصدى لهمس كلماته؛ وكأنه يُحادثني وأنا أغمض عيني.
أحبتي ..
الرسائل .. روح .. تسعد بسعادتنا، وتفرح بتواصلنا، وتذبل بإهمالنا، إن لم تكن وفيًا لها، ولما بها, ولمن هي منه وإليه، فدع حروفها تمحى بين السطور، ولا تزهق حياة الشعور، فجبر الخواطر سعادة وعبادة، وأحسنوا لبعض، ولا تكسروا أنفس أغلتكم, فمن يُداري خواطركم داروه، ومن يغليكم بادلوه الغلا.
شح الوفاء في زمن الجفاء، واندثرت العلاقات في تقاطع المصالح، وتغافلنا عن الضروريات في سباقنا نحو الكماليات.