سؤال مجرد
كلما أطلقت المملكة العربية السعودية مشروعًا عملاقًا في أي مجال، سواء كان رياضيًا، أو ثقافيًا، أو ترفيهيًا، أو تنمويًا، أو حتى مبادرة سياسية لحل نزاع بين دولتين، كلما ظهرت أصوات نشاز تحاول الإسقاط أو التقليل أو تشويه هذه المشروعات أو المبادرات، من خلال تزييف الحقائق أو الوثائق عبر تغريدات ومنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي أو بعض المقالات في صحف أجنبية وعربية، أو ظهور إعلامي لمسؤولين في بعض الدول العربية المحسوبين على أحزاب سياسية معروفة التوجهات التي في الغالب لديها مواقف معادية أو سلبية تجاه المملكة.
هل هذا الأمر جديد وطارئ أم أن له امتدادات وأبعاد تاريخية؟
لدي يقين تام بأن الفكر اليساري يقف وراء كل هذه الأصوات النشاز إما أصالة من اليساريين أو نيابة عنهم من الإخوان المتأسلمين، فهم بلا شك وراء كل فوضى عاثت فسادًا في المنطقة وفي العالم.
في خمسينيات القرن الماضي كانت الشتائم ضد السعودية، والأطماع في ثرواتها التي حباها الله وعملت قيادتها الرشيدة على استخراجها وتوظيفها لنهضة البلاد ورفاهية الشعب منذ ذلك الحين وحتى اليوم، وكانت شعارات “عرب الثروة.. وعرب الثورة”، تخبئ تحت عباءتها الكثير من الإسقاطات ومن الشتائم ومن تشويه صورة القيادة والشعب السعودي والمطالبة بحقوق وهمية في ثرواتها بدون وجه حق، إلا أن الفكر اليساري الذي كان يُمثل تيارًا كبيرًا في تلك الحقبة واستمر في بث سمومه نحو السعودية وأهلها، وظهر عدد من الشعراء والمثقفين الذين قالوا الكثير من القصائد والروايات والمقالات والتقارير المسيئة بحقنا المباشر منها وغير المباشر، واستمروا كذلك حتى جاء أوباما إلى سدة الرئاسة الأمريكية ليأخذها إلى مستوى جديد، وكان اليسار الغربي الذي يمثله الحزب الديموقراطي ويمثله أوباما وهيلاري كلينتون، الذين ذهبوا إلى أقصى راديكالية اليسار في نشر الفوضى في المنطقة من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بشرت به كونداليزا رايس، وتم التحالف مع الإخوان المتأسلمين، ولم يكن ذلك مستغربًا رغم أن ظاهر التوجهين يبدو أنهما على طرفي نقيض، إلا أنهما كانا على استعداد للتحالف مع الشيطان لتنفيذ أجندتهما اليسارية التدميرية في المنطقة، ولما كان للمملكة موقف حاسم من تدخل الإدارة الأمريكية في الشأن الداخلي المصري إبان الثورة المصرية المباركة ضد حكم الإخوان في مصر، بدا لأوباما أن الإخوان لم يعودوا الحليف الأنسب واتجهوا إلى نظام الملالي في طهران وبدأت قصة الاتفاق النووي وما تلاها من دعم مبطن لأذرع إيران.
هذا السرد التاريخي العام، لم يكن إلا مقدمة لنعرف جميعًا أن من يقف خلف المعرفات الوهمية وحتى الأسماء الصريحة ممن يشتمون السعودية أو يقللون من مشروعاتها الضخمة أو يحاولون شيطنتها، ويدعون أنها تعمل تحت الطاولة للتطبيع أو يتهمونها بالاستغلال السيئ للمال لشراء لاعبين أو موسيقيين أو غيره من ترهاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ليسوا إلا أدوات سخيفة وضعيفة لليساريين ومنهم القومجية والشعوبيين ولحلفائهم من أدوات الإخوان المتأسلمين أو شراذم أذرع إيران في المنطقة، وكل شذاذ الآفاق في لندن وأمريكا وكندا وغيرها ممن يدعمهم اليسار العالمي والعربي.
ومع كل هذه الشتائم والإسقاطات المستمرة حتى اليوم، لم تتخلَّ السعودية ولا قيادتها الرشيدة عن حنكتها وهدوئها وحكمتها، ولطالما ترفّعت عن النزول إلى مستنقعات التجاذبات والجدليات والرد على الإساءات، واستمرت في نهضتها ورفاه شعبها، وأكثر من ذلك لم تتخلَّ يومًا عن دورها المحوري القيادي في دعم أشقائها في البلدان العربية والإسلامية وكانت دائمًا يدها بيضاء مع الجميع بلا منة، حتى مع الدول التي يشتمنا فيها كثيرون من شعبها لم تتوقف المملكة عن المشاركة في بنائها ودعم شعوبها وحتى دفع رواتب موظفي بعضها، وما زلنا نشتم ويساء لنا حتى اليوم، ولم ولن تلتفت السعودية على المستوى الرسمي لهم، أما الجيش السعودي الإلكتروني في وسائل التواصل الاجتماعي فهم جيش تطوعي يقود كل واحد منهم رجالًا ونساءً، كان ولاؤهم وانتماؤهم لقيادتهم ولوطنهم دون أن يدعوهم أحد لذلك، وسيبقون حصنًا منيعًا للقيادة وللوطن، هذه الثقافة السعودية الشعبية التي أصبحت مضرب مثل في كل الدنيا، اليساريون لم ولن يستوعبوها وكذلك الإخوان المتأسلمين وأتباعهم وكل الحزبيين والطائفيين وأعوانهم، ولن يفهموها ولن يصدقوها؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.