اليوم يدرك العالم كله أن المملكة ليس كغيرها من البلدان، فهي واحة للأمن والأمان، ومثال للوحدة والاستقرار، ونموذج للثبات والاستمرار، وعنوان للتقدم والازدهار، وهي وطن تتجلى فيه مظاهر الولاء، عبر هوية وطنية راسخة تتجسَّد فيها معاني المحبة والشراكة والتلاحم بين القيادة والشعب في بوتقة وحدة وطنية لا مثيل لها بين الأوطان.
أمام هذه الحقائق التي تبلورت عبر عشرات السنين لا نملك إلا أن نقدم لهذا الوطن الغالي الذي نستظل بظل رايته، ونحيا على ترابه المبارك، ونتنسم نسائم هوائه المعطر بعبق التاريخ كل آيات المحبة، معاهدين الله ثم إياه بأن نظل أوفياء للعهد بيعة وملكًا وولي عهدًا ومجدًا وتراثًا، محافظين على قيمنا وثوابتنا الوطنية وتراثنا وميراثنا الوطني، وباذلين أرواحنا في الدفاع عن أمننا ومقدساتنا وترابنا الوطني، والنهوض برسالتنا الأبدية التي شرفنا الله بها في خدمة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين، وترسيخ معاني كيان العزة والشموخ ودولة المحبة والسلام والاعتدال والتسامح على الأرض كشعار للوطن ولافتة للكيان.
اليوم ونحن نحتفل بذكرى يومنا الوطني الثالث والتسعين تحت شعار “نحلم ونحقق” نشعر بأننا شعب قوي بإيمانه وعقيدته السمحة وعروبته وقيمه وتراثه، وأننا نسير خلف قيادة رشيدة مخلصة تربطها بشعبها علاقة أبدية وطيدة ركائزها المحبة والشراكة والتفاني في خدمة هذا الوطن الذي نتغنى في محبته ونشدو بمآثره جيلًا بعد جيل.
اليوم لنا أن نحمد الله بكرة وأصيلًا على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، عندما اختص بلادنا بأن تكون أرض الحرمين الشريفين، وقبلة المسلمين في شتى بقاع الأرض، وعندما هيئ لنا قيادة رشيدة حكيمة، ومنحنا رزقًا لا ينضب، وأمنًا وسلامًا واستقرارًا لا يهتز، ورخاءً وازدهارًا يعم ربوع البلاد.
وفي ذكرى اليوم الوطني في العام 1445هـ، لنا أن نفخر ونحن نستعرض إنجازاتنا ومظاهر نجاحاتنا الوطنية، ونسابق الزمن كي نحقق أهداف رؤية 2030 التي تسير بخطى ثابتة وواثقة نحو تلك الأهداف.
فقد ركزت “الرؤية” – التي تهدف بشكل أساس إلى تحرير اقتصاد السعودية من الاعتماد على النفط على نطاق واسع من خلال تنويع مصادر الدخل، وإلى رفع جودة الحياة ضمن بيئة مميزة جاذبة لتكون المملكة وجهة عالمية رائدة – على تأسيس البنية التحتية التمكينية، وبناء الهياكل المؤسسية والتشريعية ووضع السياسات العامة، وتمكين المبادرات، فيما انصب تركيزها في مرحلتها التالية على متابعة التنفيذ، ودفع عجلة الإنجاز وتعزيز مشاركة المواطن والقطاع الخاص بشكل أكبر. وبدأ الاقتصاد السعودي في جني ثمار رؤية 2030 في مختلف القطاعات، وشارك القطاع غير النفطي بنسبة كبيرة في دعم التنمية المستدامة.
ولعل أبرز ما تحقق من منجزات على صعيد برامج الرؤية الزيادة في القدرة الاستيعابية على استقبال ضيوف الرحمن، من خلال التوسع في منظومة خدمات الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
أما على الصعيد الاقتصادي فقد زادت نسبة الناتج المحلي غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت الإيرادات النفطية في الربع الأول من العام 2022م – 183.7 مليار ريال، بينما بلغت الإيرادات غير النفطية 94.26 مليار ريال.
فيما زاد عدد المصانع بنسبة 38% ليصبح 9,984 مصنعًا مقارنة بــ 7,206 مصنع قبل إطلاق الرؤية.
وتزامن ذلك مع إطلاق مبادرات رائدة، منها: إطلاق برنامج “صنع في السعودية”، وإطلاق برنامج “شريك” لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وزيادة وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وإنشاء بنك التصدير والاستيراد، وإطلاق نظام الاستثمار التعديني. كما ساهمت برامج الرؤية خلال الأعوام الماضية في تحسين جودة الحياة في المملكة من خلال استقطاب وتنظيم لعدد من المناسبات والفعاليات الرياضية العالمية الشهيرة، ونجاحها في الفعاليات الترفيهية التي أطلقتها. كما تعتبر إنجازات الحفاظ على البيئة وحمايتها من أهم الإنجازات التي تحققت، ومنها إنشاء سبع محميات طبيعية ملكية لحفظ الأنواع النباتية والحيوانية ولتكون خزانًا وراثيًا حيًا. كما تحققت إنجازات عالمية في إنتاج المياه المحلاة: إذ تصدرت المملكة الإنتاج العالمي لتحلية المياه المالحة بأعلى طاقة إنتاجية للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة؛ حيث بلغت 5.9 ملايين متر مكعب يوميًا في عام 2020م، وأسهم استبدال التقنيات الحرارية والتوسع في استخدام التقنيات الصديقة للبيئة في تحقيق خفض في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بلغ 28 مليون طن سنويًا. إضافة إلى ما شهدته الفترة نفسها من الإعلان عن مشروعات عملاقة مثل: مشروع نيوم، وسندالة، ومشروع تطوير العلا، ومشروع ذا لاين، ومشروع السودة للتطوير، ومشروع المسار الرياضي، ومشروع حديقة الملك سلمان، ومشروع الشعيبة للطاقة الشمسية، ومشروع السيارات الكهربائية، وبرنامج المملكة لرواد الفضاء، ومشروع المكعب، ومشروع بوابة الدرعية، ومبادرتا “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” اللتان تهدفان إلى رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية.
وتواصل رؤية السعودية 2030 العمل في مسيرة أكبر تحوّل وطني تشهده المملكة العربية السعودية، معتمدة على المواطنين في بناء مستقبل بلادهم، ليحقق اقتصاد المملكة نموًّا متسارعًا ومستدامًا عبر العديد من المشاريع الضخمة التي عمت كافة أرجاء البلاد، في الوقت الذي يصعد فيه وطننا الحبيب سلم المجد والتفرد والتميز، بفضل السياسة الحكيمة والتخطيط الواعي والرؤية الثاقبة التي يتحلى بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الصادق الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان اللذان أخذا على عاتقهما بذل أقصى الجهود للارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن السعودي إلى أعلى المستويات، والنهوض بوطننا الحبيب إلى مصاف الدول الأكثر تقدمًا في العالم.
0