منذ إحلال الماكينة محل العمل اليدوي، الذي شهدته أوروبا الغربية خلال القرن الثامن عشر، تغيَّر العالم كثيرًا بسبب هذا الاكتشاف الذي اخترعه الإنسان لمساعدته في التغلب على مصاعب الحياة، وتوالت بعدها الاكتشافات التي كانت طريقة ناجحة لمواجهة الكثير من المشكلات وتلبية لاحتياجات البشرية المتجددة؛ وخطت هذه الاكتشافات بالبشرية خطوات إلى الأمام. إلا أنه على الرغم من أن هدف كل اكتشاف خدمة البشرية وتقدمها، فإن هناك بعض الاختراعات المفيدة والتي حولها الإنسان لأشياء أضرت به وبالبشرية.
حول ذلك يقول الخبير الأمني ومؤسس “معهد جرائم الغد” مارك غودمان: “إن التكنولوجيا الأولى التي امتلكها الإنسان قد تكون النار، التي يمكنها أن تطهو طعامه وتحرق قريته في وقت واحد”، وأضاف قائلًا: “الفرق الآن، هو أن وتيرة المبتكرات سريعة إلى حد أنه أصبح من السهل على الناس أن يستخدموها للتعمير والتدمير على حدٍ سواء”.
ولعل من أشهر هذه الاختراعات:
مادة “الديناميت” التي نجح مخترع هذه المادة ألفريد نوبل عام 1867 بهدف مساعدة شركات البناء وعمال المناجم في حفر وتفتيت كتل الجبال والمناجم من أجل توفير الوقت، الأمر الذي جعل الشركات تتهافت على استخدام هذا الاختراع، إلى أن الطبيعة البشرية استبدلت هذا الاستخدام النافع للديناميت في تفجير الجبال إلى استخدام سيئ لقتل الأعداء في الحروب والمعارك، وهو الأمر الذي استوجب ندمًا من مخترعه، فقام بتخصيص ثروته بالكامل لمنح جائزة باسمه “نوبل” الشهيرة، لأكثر من أفاد البشرية في مجالات حددها كالفيزياء والكيمياء والطب والأدب، والاقتصاد وصانعي السلام العالمي.
ولم يكن ألفريد نوبل النادم الوحيد من الاستخدامات السيئة لاختراعه، فمخترع رشاش الكلاشينكوف سريع الطلقات الروسي ميخائيل كلاشينكوف، ذكر أنه يُعاني ألمًا روحيًا كلما نما لعلمه حالات قتل استخدم فيها سلاحه سريع الطلقات.
غاز الزيلكون الذي اكتشفه الألمان في البداية كمطهر ومبيد للحشرات ومكافحة الآفات الزراعية، تم استخدامه كـ”سلاح كيميائي” في الحرب العالمية الأولى من قبل النازية خلال المحارق للقتل والإبادة الجماعية.
الكيميائي جون ديفي، اكتشف عام 1811م، غاز الفوسجين كمادة لصنع الصبغات في البدء، واستخدمه الألمان عام 1915م، في الحرب العالمية كغاز سام ضد الحلفاء.
حاليًا نعيش عصر الاكتشافات المتسارعة في مجالات الذكاء الاصطناعي، وبالتأكيد سيندم بعض من هؤلاء المكتشفين، كما ندم قبلهم كلاشينكوف، ونوبل، وأوبنها يمر، على ما سببه الاستخدام السيئ لمخترعاتهم.
فقد أعلن راسيكن قبل فترة ندمه جراء ما تسبب فيه اختراعه من إصابة المستخدمين بحالات “إدمان الإنترنت”، خاصة بعد ظهور إحصائيات تبين الارتفاع الكبير لما سببه التصفح التلقائي من أضرار صحية ونفسية.
انضم لقائمة المخترعين النادمين أخيرًا، مكتشف الذكاء الاصطناعي جيفري هينتون، فقد عبر عن ندمه لما قام به من عمل استمر عقودًا في تطوير الذكاء الاصطناعي.
0