قد يكون أشهر أداة للذكاء الاصطناعي حاليًا هو تطبيق الـ(Chat GPT) إلا أنه يُمثل فقط أحد الأمثلة على قدراته واستخداماته البسيطة، ولا يتعدى كونه “أداة إنتاج” لهذه التقنية (Generative AI).
ينقسم الذكاء الاصطناعي الحديث إلى قسمين؛ إما نسبةً إلى قدراته (نطاق ضيق، نطاق عام واسع أو سوبر) أو استخداماته (آلة تفاعلية، ذاكرة محدودة، نظرية الذهن والوعي الذاتي)؛ النطاق الضيق هو ما نراه اليوم في أنظمة المساعدة كتلك المصاحبة لأجهزة الهاتف المحمول أمثال (Siri) و(Google Now) مهمتها تعتبر أحادية ومساعدتها محدودة تستخدم عادةً كأنظمة تكاملية ملحقة بأنظمة برمجية.
أما النطاق العام أو الواسع فلا يزال في طور التطوير، والبناء النظري على تعلم وفهم المهام الذكية التي يقوم بها العنصر البشري، علمًا بأن أحدث نطاق واسع حاليًا هو الـ(USA Frontier) التابع لشركة hp للتقنية بسرعة كمبيوترية تُقدر بـ(١,٠٢) اكسافلوب – مقارنة بنطاق العقل البشري المقدر بـ(١) اكسافلوب لكنه يبقى أخف وزنًا وحجمًا وأكثر كفاءة من العقل التقني، وأخيرًا النطاق السوبر وهو الآلة التي ستتمكن من تجاوز هذا النطاق البشري، ولا تزال محصورة في طور التنظير.
وفي باب استخدامات الذكاء الاصطناعي حاليًا؛ فالآلة التفاعلية تعرف بأنها فقط تتفاعل مع المدخلات ولا تملك ذاكرة أو لها القدرة على استعادة تجاربها السابقة، كنظام (IBM Deep Blue) الذي تغلب في ١٩٩٧م على بطل الشطرنج (جاري كاسبيروڤ) بفضل قدرتها على معرفة كل التحركات المدخلة، واختيار أفضل خيار متاح للعب البيدق لحظيًا.
أما الآلة التي تعمل بنظام الذاكرة المحدودة؛ فهي التي لا تملك القدرة على تخزين المعلومات وتتعامل مع المعلومات التي تجمعها لحظيًا، ولكن عند انتهاء المهمة المطلوبة تفقدها ولا تتعلم منها، كأنظمة قيادة السيارات الذاتية.
ويطلق عادةً مصطلح نظام الذكاء الاصطناعي الذي يعمل بنظرية الذهن على الأنظمة التي تستطيع أن تتعرف على الأحاسيس والمشاعر البشرية وتتفاعل معها؛ كالآلة (صوفي) الشهيرة بزيارتها لقمة الاستثمارات المستقبلية بالرياض عام ٢٠١٧م، والروبوت السعودية (سارة) المعلن عنها في بداية هذا العام والمصنوعة بالتعاون مع الهيئة السعودية الرقمية.
أخيرًا، يُعتبر نظام الذكاء الاصطناعي ذي الوعي الذاتي النطاق الأذكى والأقوى في هذه المجموعة من الاستخدامات، ويملك وعيًا بذاته ومعرفة بقدراته ومخرجاته اللامحدودة، ويعرف بكونه – نظريًا – الخط الذي إن تم تجاوزه تكون الآلة قد تفوقت على العقل البشري؛ فتكون أفضل في التحليل وأكبر في سعة في ذاكرتها وقدرتها على استرجاع المعلومات وتفنيدها، وأفضل في تنفيذ المهمات المعقدة منتجةً نتائج مثالية؛ بالإضافة لقدرتها على إدارة أي مهمة بدقة وسرعة في وقت قياسي.
في هذا الصدد أقتبس قول الفيلسوف والعالم المؤرخ البريطاني (بيرنارد راسل)، الحائز على نوبل للأدب عام 1950م في كتابه بعنوان (مقالات متشكك): “لو كان الماضي بشرّه قائم على التنافس على الموارد باحتلال الضعيف وسلب موارده حتى يعيش القوي، قد وهبنا العلم الحاجة للتنافس فيه حتى يعيش الضعيف والقوي، القوي هنا هو القوي بالعلم الذي ينفع به حتى الضعيف” انتهى الاقتباس.