لا يمكن أن تجلس مع “أبو صلاح” دون أن يطرح عليك سؤالا لم يكن على البال ولا على الخاطر.
أثناء احتساء القهوة العربية معه في أحد “الكافيهات”، طلب مني إبداء رأيي في استخدام بعض (الكتّاب الكبار) عبارات ومقولات قديمة بعضها أكل وشرب الزمن عليها، وبعضها ينقلها من رسائل “الواتساب”، ثم قال: هل هذا يدل على إفلاس الكاتب مثلًا؟ فاجأني أبو صلاح بسؤاله وطلبت منه يمهلني حتى احتساء الفنجان الثالث لعل مسامات المخ تستوعب السؤال قبل الرد عليه، وبينما أنا مستمتع بأكل التمر مع الطحينة، طلبت أن يزودني بأمثلة لتلك العبارات التي يقصدها، لعله ينشغل عني ولكن كعادته كان جاهزًا لسردها مما يؤكد جديته في الطرح. سرد العبارة الأولى وهي “امشوا خلونا نقعد، تعبنا وحنّا قاعدين نمشي”. قلت هات الثانية، قال: “البعض يشرب قهوة بعشرين ريالًا بحجة يشتغل مخه وعقله ما يسوى ريالين”. قلت: يا “أبو صلاح”: “الباب اللي يجيك منه ريح، لا تلحسه كله” قال مبتسمًا: حتى أنت يا أستاذ عبدالله!! قلت خير؟ قال: (كاتب كبير!) تحمست وقلت يا أبو صلاح: “بني آدم مثل الإنسان إذا توفى مات” فانفرط ضاحكًا ولفت أنظار الجالسين بجوارنا وقال: شكلك خلصت دلة القهوة!
ختامًا
الكتابة اليومية قد تستهلك طاقة الإنسان الإبداعية، وتستنزف رصيده المعرفي، مما يجعل قلمه ينضب ويصبح إيقاعه مثل حركة الضب.
وأتذكر في بداية مشواري الصحفي سمعت عبارة جميلة من الجميل خلقًا ؤادبًا وعلمًا وزير الإعلام الأسبق معالي الدكتور/ عبد العزيز الخضيري وهو الكاتب الصحفي الكبير، عندما كان يتحدث لنا بشكل مباشر في إحدى المناسبات عن أهمية النشر وجودة المحتوى؛ فقال: “هناك مقالة تبحث عن مساحة وهناك مساحة تبحث عن مقالة”. ومن يومها وأنا أعمل بها.
مقالة أكثر من رائعة بل مدهشة في تناول الفكرة الجوهرية وتوصيلها للمتلقي ؛بأدب راق ؛وخفَّة ظل؛وحلاوة روح🌷
وأتفق معكم تماماً في قضية الكتابة اليومية من حيث استهلاكها لطاقات الكاتب؛والحدّ من إجادة الطرح أو التأثير عليه .. كمن يتناول وجبة معينة (ثبَّت الأمبير ) عليها بشكل يومي؛ الأكيد أنَّه سيملّ .. والكتابة تابعة للمزاج النفسي والحالة الصحية والجو المناسب ؛وعناصر فنية أُخرى لاعداد لها إذا لم تتهيأ كانت النتيجة (أي كلام ياعبد السلام) أتذكر بهذي المناسبة أن ابن المقفع الأديب الكاتب العبقري كان في أوقات كثيرة يتوقف قلمه عند الكتابة، ولما سألوه عن السبب ..قال: إن الكلام يزدحم في صدري فأقف لتخيُّره.»
زدنا من هذه التحف أبا أحمد فقد أمتعتني ورسمت الابتسامة على وجهي ..لاعدمناك أيها الأديب الأريب، وتقبل من محبك أزكى تحايا القلب..🌷
«