الدين بشكل عام قائم على العقل، ومن لا عقل له فهو ليس مكلفًا بشيء، والإنسان إذا لم يحكمه العقل؛ تهلكه العاطفة ويظهر هذا جليًا في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي كان يريد الجهادَ في سبيلِ اللهِ؛ فأوصاه أن يلزم رجل أمه “فثمَّ الجنَّة”.
هذا الحديث من وجهة نظري يُعبّر عن (عاطفة) الأعرابي الذي يريد الجهاد وبين (الحكمة) لدى الرسول صلى الله عليه وسلم عندما خاطبه بعقل وأرشده إلى أن بَرّه بأمه نوع من الجهاد، وكثير من الناس يغلّب العاطفة على العقل؛ فيخسر المجتمع طاقاته المتعددة.
الجهاد يا سادة ليس قتالًا واستشهادًا، وذهابًا للجنة ثم تُحرق الأمة من بعده، وهو بهذا الفعل كالذي يرفع شعار: “أنا ومن بعدي الطوفان”.
والجهاد نصر وتمكين وعِزة للإسلام وللمسلمين، بمعنى أنه عمل جماعي وليس فرديًا؛ فالبعض يذهب بداعي أن يستشهد وينال أجر الشهادة فقط ولو كل من قاتل ليستشهد ومات فمن الذي يدافع عن الدين؟
أقول هذا بعد الحرب العشوائية التي شنتها حركة حماس ضد ما يسمى بإسرائيل والخسائر الكبيرة التي تكبدها أهالي غزة جراء القصف المتوحش على قطاع المستضعفين العُزل.
يفترض أن الذي تحمّس وبدأ الحرب على إسرائيل يكمل ولا يتوقف إلا بعد النصر والتمكين وطرد المغتصبين حتى لا تُزهق أرواح المسلمين.
أمّا الحرب لمدة ٤٨ ساعة أو أسبوع بدون أخذ الحذر من العدو ومن ردة فعله، ومن غير تخطيط وحماية للمسلمين وفي نفس الوقت يتجاهل أهل الرأي والمشورة والفتوى؛ فهذا يسمى عبثًا وليست حربًا، هذا الأمر استعداء لأهالي غزة وللمستضعفين ويعني تشريدهم من ديارهم وتيتيم الأطفال وترميل الأمهات.
الحروب لها معايير قوة وضعف واستراتيجيات وسيناريوهات وخطط متقدمة وبديلة، ولها قادة يتصدرون المشهد وهذه في اعتقادي لم تتوافر فيما يسمى بمعركة طوفان الأقصى.
لا شك بأن كل مسلم يحب فلسطين، ويتمنى لهم النصر والتمكين ولعل السعوديين من بداية القضية قدموا أرواحهم قبل أموالهم، واعتبروا القضية الفلسطينية قضيتهم الأولى، ولكن للأسف هناك عملاء خانوا القضية وخذلوا الشعب الفلسطيني البريء والمغلوب على أمره وقدموا غزة قربانًا لأسيادهم اليهود.
ختامًا
حتمًا سوف يتحقق النصر – بإذن الله- عندما تتوحد الكلمة ويتوحد الصف تحت راية الإسلام، وعندما يتغلّب العقل على العاطفة نقول: بحول الله وقوته النصر قادم لا محالة يا غزة.