المقالات

“الدبلوماسية الثقافية” قوّة ناعمة.. وأداة فعّالة للتواصل بين الشعوب

“الدبلوماسية الثقافية”، تُعدُّ أداة مُهمّة وفعّالة من أدوات القوّة الناعمة؛ حيث يمكن استخدامها كمصدر قوّة في العلاقات الدولية، وذلك من منطلق أن بمقدورها التأثير على الطرف الآخر وإحداث الإقناع المطلوب، عبر عدد من العوامل والأدوات والأساليب، التي منها: (القيم. والأفكار. والإعلام؛ ويشمل الإعلام التقليدي المُشاهد والمسموع والمقروء، والإعلام الحديث، الذي يتمثّل في وسائل التواصل الاجتماعي، لأدوارها الكبيرة في نقل المعلومات، وتفعيل الاتصال السياسي، وبث الأخبار والبرامج الثقافية. والحوار؛ الذي يُعتبر أسلوبًا مهمًا ووسيلة أساس لحل النزاع أو الصراع. والبرامج التعليمية، مثل: الجامعات وبرامج اللغات بالخارج. والتبادل العلمي والأكاديمي والمهني والثقافي والفني بين الدول. والفنون؛ والتي بدورها أثبتت جدواها وفعّاليتها، بفضل قدرتها على تخطي الحدود، وكسر حاجز اللغة. والمؤتمرات والمحاضرات. وجميع أشكال الثقافة بشكل عامّ، والتي تشمل الثقافة العالية أو النخبوية كالأدب والفن والتعليم، والثقافة الشعبية، التي تُعبِّر عن عامّة الشعب، وجميعها؛ تُمثِّل مجموعة من القيم والمُمارسات التي تعمل على إيجاد قيمة للمجتمع؛ حيث يمكن تسخير جوانب ثقافة الأمة، مثل الأدب، الذي أسهم في تفعيل التواصل الثقافي بين الأمم والشعوب منذ أقدم العصور، ويمتد تأثيره حتى عصرنا الحالي. والشعر والنثر والفنون المسرحية، وأعمال الترجمة، التي تُعتبر أداة جوهرية من أدوات الثقافة، وتشمل ترجمة الإنتاج الشعبي والوطني، والعمل على نشره، وإتاحة فرص الاطلاع عليه في الخارج والمعارض)؛ حيثُ تُسهم جميع هذه الوسائل والأدوات – جميعها أو بعضها – في إيصال ثقافة الأمّة للطرف الآخر الأجنبي.

من المتعارف عليه؛ أنّ “الدبلوماسية”، تعني مجموعة وسائل تتألف منها منظومة الاتصال والتواصل بين مجموعة من الدول، وهذه الدول تُشكِّل عضوية الجماعة الدولية، كما تُشير إلى التمثيل السياسي لبلد ما، وتصريف شؤونه الخارجية لدى دولة أو مجموعة دول أجنبية، وترمز لفن الحوار والتفاوض معها، للوصول لتفاهمات وقواسم مُشتركة، و”الدبلوماسية” تُعدُّ أداة مُهمّة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية لأي دولة، وهي بدورها تقوم على ثلاث ركائز أساس: (سياسية، واقتصادية، وثقافية)، وهنا يجيء دور الثقافة، وذلك لكونها، إحدى أهم أدوات التواصل، وبوصفها حجر زاوية وركن أساس، من أركان الاتصال والتواصل، وبالتالي لتُعدُّ عملية (التواصل الثقافي بين الشعوب)، عنصرًا مُهمًّا من عناصر التقدّم الحضاري، حيثُ لم تعد قوّة الدولة تُقاس بقوّة اقتصادها أو بفعالية وتأثير سياساتها أو بتفوقها العسكري فقط، وإنما بمدى مقدرة ثقافتها على إنشاء علاقات متينة ومُثمرة مع الدول الأخرى، لتحقيق المنافع والمصالح المُشتركة.
من هذا المنطلق؛ تُعتبر “الدبلوماسية الثقافية”، طريقة فعّالة لإدارة العلاقات الدولية، وشكل رئيس من أشكال الدبلوماسية العامة أو التقليدية أو الرسمية، بل ويصنفها البعض بأنها عنصر من عناصر الدبلوماسية العامّة، وقوّة ناعمة، تسعى لتعزيز التفاهم المتبادل، و”القوّة الناعمة”، تعني القدرة على الإقناع والتأثير عبر الثقافة والقيم والأفكار، بدلًا من استخدام القوّة الصلبة، التي في العادة تتم من خلال المعارك الحربية والعمليات العسكرية وما شابهها من وسائل، ومن هنا، يأتي دور “الثقافة”، التي تُعدُّ إحدى أهم عناصر القوّة الناعمة، وأدوات التواصل الفعّال، ومن هذا المنطلق تتعاظم وتترسّخ أدوار “الدبلوماسية الثقافية”، والتي يطلق عليها بعض الخبراء والمختصين مسمى: “دبلوماسية القرن الواحد والعشرين”.
إنّ كل مهتم ومتابع للمشهد السياسي العربي والإقليمي والدولي، يلحظ بشكل جلّي وبكل وضوح؛ تنامي أدوار الدبلوماسية السعودية الريادية، في محيطها العربي، ويشهد حضورها القوي والفعّال على الصعيدين الإقليمي والدولي، وذلك من خلال اعتماد أسلوب دبلوماسي، يقوم على مبدأ الوسطية والاعتدال، وإحلال السلام وتوحيد المواقف والمصالح، والتكامل والتعاون، وإيجاد الشراكات المثمرة والفعّالة، من أجل ترسيخ التوازن، وتأًصيل استدامة السلام والتنمية العالميّة، وذلك وفقًا لرؤية قيادتنا الرشيدة – أيدها الله –، بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسيدي صاحب السموّ الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وليًا للعهد رئيس مجلس الوزراء – رعاهما الله –، والتي تتمثّل في تسخير “الدبلوماسية السعودية”، الفاعلة والنشطة والحاضرة بقوّة، كوسيلة من أهم وسائل بلادنا الغالية، لتعزيز مكانة المملكة وتكريس مكانتها الريادية بين مختلف دول العالم، واستخدم “الدبلوماسية” بكل عقلانية وفاعلية، لضمان أكبر المكاسب.. ولتحقيق أهم الإنجازات.
والله ولي التوفيق،،،

– المُلحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين
لدى تركيا ودول الإشراف

د.م فيصل بن عبدالرحمن أسره

أستاذ الهندسة البيئية والمياه المشارك، بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى