زملاء عمل لعدة سنوات بينهما صداقة عجيبة وتضحيات فريدة، وفجأة يجري الشيطان بينهما في لحظة غضب؛ فتتحوَّل صداقتهما إلى عداوة نسفت جميع القصص الممتعة والحكايات الجميلة وتنافسوا في نشر الغسيل، وتبادل أدوار التشهير ونسوا الفضل الذي كان بينهما.
موظف في قطاع خاص ساهم في تطوير الشركة التي يعمل بها بكل ما أوتي من خبرة ثم وجد عرضًا وظيفيًا في شركة أخرى مما حدا به إلى تقديم استقالته النظامية لمديره المباشر الذي تحامل عليه ورفض قبول استقالته ثم ماطل في تسليمه مستحقاته، وتناسى جهوده السابقة في تطوير الشركة وتحسين مستوى الأداء.
مدير إدارة استلم العمل من زميله السابق الذي رشحه لهذا المنصب، وكان مديرًا مباشرًا له، وفي أول اجتماع عمل، نسف جهود سَلَفِه وبدأ في تجريحه تلميحًا وتصريحًا أمام بقية الموظفين الذين من بينهم من هو أشد وعيًا وأكثر خبرة نظروا إليه نظرة استغراب توحي باستلهام الفضل الذي كان بينهما.
زوج وزوجته بعد عشرة طويلة أسفرت عن بنين وبنات، يدب الخلاف بينهما لأسباب تافهة ويتعمق الخلاف يومًا بعد يوم إلى أن يصبح الانفصال هو الحل، ولكن لم يكن ذلك التسريح بإحسان بل تبعه سب وشتم وغيبة ونميمة تسللت إلى الأبناء والبنات الذين تعكرت حياتهم، وأصبحوا في حيرة من أمرهم بين أبويهم حينما تناسى الزوج والزوجة الفضل الذي كان بينهما.
ابناء رجل واحد كان حريصًا على تربيتهم أحسن تربية كما كان حريصًا على تجسيد العلاقة بينهم، ويتمنى أن يفرح بهم ويراهم في أفضل المناصب وأعلى الرتب، وفجأة يمرض بمرض لم يمهله طويلًا فينتقل إلى جوار ربه؛ فتتأزم الأمور بين أبنائه من أول ليلة في العزاء طمعًا في الدنيا ونسوا أو تناسوا فضل أبيهم عليهم؛ وذلك الفضل الذي كان بينهم وأصبحوا مثلًا للعقوق وسوء الأخلاق.
ختامًا.. لم تكن خاتمة الآية “وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ” مجرد توجيه متعلق بالطلاق والفراق بين الزوجين، بل هي قاعدة عامة في المعاملات والعلاقات الإنسانية التي قد تكون شراكة، وقد تكون زمالة، وقد تكون صحبة بل قد يكون موقفًا عابرًا ترك في النفوس أثرًا، وخلال هذه العلاقات يكون بين الطرفين فضل وخير لا يجب نسيانه، فلا ينبغي عند انقطاع العلاقة أن ننسى هذا الفضل أو نجحده.
وقفة: كريم الخُلُق طيب النفْس ينسب الفضل لأهله.
كاتب رأي ومستشار أمني