يقول “جوزيف ستالين” في مقال له نشرته “البرافدا” بتاريخ 20 يونيو 1950: “اللغة مرتبطة، مباشرة، ليس بنشاط الإنسان الإنتاجي فحسب، بل بكل نشاط آخر للإنسان في جميع ميادين عمله، من الإنتاج حتى البناء التحتي، ومن البناء التحتي حتى البناء الفوقي؛ ولهذا تعكس اللغة التبدلات في الإنتاج بصورة فورية ومباشرة، دون انتظار تغيرات في البناء التحتي. ولهذا أيضًا، فدائرة عمل اللغة، التي تشمل جميع ميادين نشاط الإنسان، هي أوسع جدًا وأكثر تنوعًا من دائرة عمل البناء الفوقي، بل هي أكثر من ذلك، هي تقريبًا غير محدودة.
وهذا ما يُفسر، قبل كل شيء، لماذا تظل اللغة، أو بصورة أدق، لماذا يبقى تركيب قاموسها، في حالة من التبدل الذي لا ينقطع تقريبًا. إن النمو الذي لا ينقطع في الصناعة والزراعة والتجارة والنقل، والتكنيك والعلم، يتطلب من اللغة أن تكمل قاموسها بكلمات جديدة، وتعابير جديدة ضرورية للعمل في هذه الميادين. واللغة، التي تعكس هذه الحاجات رأسًا، تكمل قاموسها بكلمات جديدة، وتحسن وتتقن نظامها القواعدي.”
إذا كان “ستالين” على حق في حديثه عن اللغة، فنحن – في الوطن العربي – نتحدث بعدة لغات نطلق عليها جميعًا … اللغة العربية. نحن نفكّر باللغة (اللهجة) المحلية … ولها مفرداتها بناء على الخلفية الاجتماعية والثقافية والفئة العمرية… ونحاول الكتابة باللغة التي نعتقد أنها الفصحى، فنفتش بين المفردات ظنًا منَّا أن في اللغة مترادفات حقيقية … ثم، نحاول أن نترجم دون عُمق في اللغة الأصلية، ولا في المضمون المُترجم عنه … فتختلط الكثر من الأمور.
ثم، حتى في اللغة الفصحى، فإن هناك اختلافًا في استخدام بعض المفردات بين المجموعات العربية الحضرية في شرق العرب، وغربها.
وأخيرًا، فنحن دائمو التفتيش في الكتب الإنسانية القديمة بحثًا عن “الغَلَبة” على بعضنا البعض في مفردات قوم عاشوا في ظروف مختلفة عن ظروفنا … فنحاول – عبثًا – استحضار ماضيهم … في حاضرنا ومستقبلنا غير عابئين بحقيقة أن التركيبات اللغوية إنما تختص بزمانها ومكانها … فإذا أقحمناها في زماننا ومكاننا، فإننا – حتمًا – نعود بزماننا القهقري إلى زمانهم ومكانهم… فيصبح الزمان والمكان خسفًا!