المقالات

الإعلام.. سلاح لتعرية الصهاينة

لعل من الوقائع الصادمة أن عددًا من منصات الإعلام الغربي – مع الأسف – لم تكن مهنية في نقل الصورة الحقيقية لحرب غزة؛ إذ لم تكتفِ بالتعتيم، بل انزلقت إلى إخفاء الحقائق وقلبها، وتحولت إلى مجرّد خوارزميات تبيح “حجب المحتوى” الذي لا يتناسبُ مع الواقع، وبدلًا من فضح وحشية الجيش الإسرائيلي، صارت تتبنى روايات كاذبة للصهاينة، سعى من خلالها لشيطنة الجانب الفلسطيني والعربي، وتجذير الكراهية، وتحويل الوحش الإسرائيلي المحتل إلى مجرد أرنب مضطهد.

خطورة الإعلام تأتي من كونه سلاح معركة بالغ الأهمية، يمكن له أن يقلب الحقائق، ويزور الأحداث، ويصنع صورة ذهنية مُعادية، كما هو حال عدد من منصات الإعلام الصهيونية والغربية اليوم، ولنا – كمثال – أن نتأمل من بين تداولته منصات التواصل الاجتماعيّ، مشهدًا لامرأة بريطانية تُوبِّخ ابنتها لتنهاها عن الكذب، وهي تقول: “إذا لم تتجنَّبي الكذب وأنت صغيرة، فإنك حين تكبرين ستصيرين مذيعةً من مذيعات البي بي سي”.

ولقد فطنت «القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية» بالرياض، لهذا الجانب المهم، وتعاملت معه بكل ذكاء وحرفنة، وكان من بين قراراتها، العمل على إنشاء وحدة رصد إعلامية لتوثيق الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تأكيدًا لدور الإعلام في مواجهة جرائم الاحتلال، ومحاولة لبناء رأي عام دولي داعم للحقوق الفلسطينية.

وفي هذا الصدد، كان من الجماليات أن كلّفت القمة أمانتي «جامعة الدول العربية»، و«منظمة التعاون الإسلامي»، بإنشاء «وحدة رصد إعلامية مشتركة تُوثّق كل جرائم سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، ومنصات إعلامية رقمية تنشرها وتُعرِّي ممارساتها اللاشرعية واللانسانية». وتقوم كذلك بإدانة قتل الصحفيين والأطفال والنساء، واستهداف المُسعفين، واستعمال الفسفور الأبيض المحرَّم دوليًا، في الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة ولبنان.

سطوة الإعلام الغربي المرتهن لقبضة اليد الصهيونيى في الغرب معلومة؛ حيث ساهم بانزلاقاته البلاغية الخطيرة، في التمكين لخطاب متطرف تملؤُه الكراهية والخلط والتعميم.. لكن على الرغم من ذلك – وللإنصاف – ثمة أصحاب ضمير في الغرب نطقوا بالحق، وأدانوا “البلطجة” الإسرائيلية؛ وعلينا أن نُسارع للاصطفاف معهم، كيما تتحق قناعة رأي عام عالمية بأن إسرائيل أصبحت الآن دولة منبوذة أخلاقيًا أمام الرأي العام العالمي، وكذلك علينا الإشادة بالكتابات الغربية لبعض النخب الفكرية، التي بدأت تطالب الحكومات الغربية بالكف عن التأييد الأعمى لآلة القتل الإسرائيلية.

مجددًا … نقول: إن المهم أيضًا تفعيل قرارات “قمة الرياض” بالتوثيق المنهجي للجرائم النازية الإسرائيلية؛ كيما تكون مستندًا قانونيًا صريحًا وواضحًا أمام “المحكمة الجنائية الدولية”، بما يكون تحت أيدينا من مشاهد تؤكد أن ثمة جرائم حرب، وجرائم إبادة، وجرائم تجويع وحصار وعقاب الجماعي، وقتل واستهداف مباشر للمدنيين والمنشآت والأعيان المدنية والطبية والدينية، التي كفل حمايتها القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الحماية.

كلنا ثقة أننا سننجح كعرب في تعرية الجانب الأخلاقي الإسرائيلي الملطخ بالعار وقد تردى إلى الحضيض، وثقتنا أننا بمخاطبة العالم سيتعرف الناس على الحقيقة كاملة، وأننا أصحاب حق كامل المشروعية، وأن لنا حق في أرضنا المحتلة، والتي يجب أن تستعاد، وصولًا إلى إقليم ينعم بالسلام والتسامح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى