المقالات

“الرياض إكسبو 2030”.. ودلالات قوة المملكة الجيواستراتيجية

بملفها المعنوّن “حقبة التغيير: المضي بكوكبنا نحو استشراف المستقبل”، استطاعت المملكة العربية السعودية أن تفوز عن جدارة واستحقاق بتنظيم معرض “إكسبو 2030” في الرياض.. حاضرة البلاد وعاصمتها العريقة، وذلك خلال اجتماع “المكتب الدولي للمعارض” في باريس مؤخراً، وهو الأمر الذي يعكس مكانة المملكة الكبرى في العالم على مختلف الأصعدة: السياسية والاقتصادية والدينية… إلخ، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله-.
ومنذ انطلاقته الأولى عام 1851م في لندن.. وعلى مدار نحو (172) عاماً، يظل معرض “إكسبو” أكبر منصة عالمية لتقديم أحدث الإنجازات والتقنيات، والترويج للتعاون الدولي في التنمية الاقتصادية والتجارة والفنون والثقافة، وكذلك نشر العلوم والتقنية.
وفي يقيني أن فوز الرياض بتنظيم “إكسبو 2030” كان مؤكداً لسبب أساسي هو أن هذا الملف كان يتولاه شخصياً صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.. ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.. مبدع وراعي “رؤية المملكة 2030″، والذي لا يألوا جهداً في سبيل تنفيذها لتغيير وجه الحياة على أرض المملكة على كافة المستويات: الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية… إلخ، وذلك تحت مظلة “التنمية الشاملة والمستدامة”، والتي نلحظها جميعاً بصورة واضحة منذ انطلاق “الرؤية” على يد سمو ولي العهد – حفظه الله- عام 2016م.
وعلينا جميعاً أن نتذكر مقولة سمو ولي العهد الشهيرة في عام 2021م حين تقدمت المملكة بطلب الترشح لاستضافة المعرض الدولي الأبرز، إذ قال سموه: “نهدف لاستضافة معرض (إكسبو 2030) في الرياض وتقديم نسخة استثنائية غير مسبوقة تسهم في استشراف المستقبل”.
ولكي تفوز المملكة بهذا الحدث الأكبر عالمياً برعاية ومتابعة وإشراف سمو ولي العهد، تم وضع ثلاثة محاور كبرى تهم مستقبل البشرية وتضمن الازدهار لشعوب العالم أجمع، وتشمل هذا المحاور ما يلي:
– المحور الأول.. وعنوانه “غداً أفضل”، وهو يتناول مناقشات جادة حول الابتكارات في العلوم والتكنولوجيا والفرص المستقبلية لتحقيق التحول في العالم بما يعزز الصمود أمام التحديات الراهنة ويخدم مستقبل البشرية على كوكب الأرض.
– المحور الثاني.. وعنوانه “العمل المناخي”، ويتناول دفع عجلة الابتكار من خلال التعاون الدولي في سبيل المحافظة على النظام البيئي والموارد الطبيعية.
– المحور الثالث.. وعنوانه “الازدهار للجميع”، ويتناول معالجة أوجه التفاوت والاختلافات العالمية نحو عالم أكثر شمولية لتعزيز الفرص والمساواة من المنظور الثقافي.
وإذا كانت الرياض قد شهدت تطوراً هائلاً في معية خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله- حين تولى مسؤولية الإمارة لأكثر من خمسة عقود، فإن سمو ولي العهد – أيده الله- قد أكمل مسيرة الأب في “الاهتمام الخاص” بالعاصمة عبر “رؤية 2030” الفذة، حيث وضع سموه هدفاً ملهماً بجعل الرياض واحدة من أفضل 10 مدن على مستوى العالم في عام 2030م، وذلك عبر تحقيق نمو مدروس للمدينة من حيث: الاقتصاد والتنافسية وجودة الحياة، وجوانب أخرى كثيرة.
وجميعنا يشهد جلياً تلك المشروعات العملاقة والفذة بالرياض – فضلاً عن كافة أرجاء المملكة بالطبع- في السنوات الأخيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مطار الملك سلمان الدولي، والوجهة الاستثنائية في “حديقة الملك سلمان”، وأكبر متنزه طولي في العالم في “المسار الرياضي”، وكذلك البوابة إلى عالم آخر عبر “المربّع الجديد”، وأيضاً أحد أكبر مشاريع التشجير الحضري في العالم “الرياض الخضراء”، فضلاً عن المعرض الفني المفتوح في “الرياض أرت”، وغيرها.
ولم تستند المملكة في ملفها المميز لاستضافة “الرياض إكسبو 2030” على إمكاناتها الاقتصادية والاستثمارية، والتي تمثلت في مشروعات الرياض العملاقة المشار إليها آنفاً فقط، بل استندت كذلك على الإمكانات الثقافية والسياحية الضخمة، إذ تضم المملكة تراث ثقافي وحضاري يمتد لآلاف السنين، فضلاً عن قفزة سياحية مذهلة تمثلت في ازدياد عدد السيّاح القادمين إليها – وفقاً لمنظمة السياحة العالمية- وتبوأها للمركز الثاني عالمياً في نسبة نمو عدد السياح الدوليين للربع الأول من عام 2023م، مما جعلها الأعلى في الأداء الربعي بنسبة نمو 64%، حيث استقبلت المملكة نحو 7.8 مليون سائح.
ونظراً لارتباطنا بخدمة ضيوف الرحمن، نود الإشارة إلى ركيزة مهمة كانت أحد ركائز ترجيح الملف السعودي لاستضافة “إكسبو 2030″، ونعني بها تجربة المملكة الفريدة في إدارة الحشود البشرية المليونية خلال مواسم الحج كل عام.
وأخيراً.. وبعيداً عن المكاسب الاقتصادية الضخمة التي ستجنيها المملكة من تنظيم هذا الحدث، سيكون “الرياض إكسبو 2030” (أكتوبر 2030- مارس 2031م) فرصة تاريخية مهمة لتعريف العالم بحضارة البلاد الضاربة في أعماق التاريخ، وبحاضرها المشرق بقفزاته النوعية المذهلة في ظل قيادتنا الرشيدة – ايدها الله-.

– رئيس مجلس إدارة شركة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button