يُنظر لزراعة الأسنان في اليوم الحاضر على أنها أحد أحدث طرق الاستعاضة السنّية؛ فعند الحاجة لخلع سن فُقِد الأمل في علاجه، يقوم طبيب الأسنان المختص بطرح خيار زراعة الأسنان على المريض وملء الفراغ بسن صناعي يقوم بذات الوظائف السنّية.
أما في القرن الثامن عشر ببريطانيا العُظمى، كان الحال مُغايرًا تمامًا. يُذكر أنه قد عانت ابنة رائد الصناعة البريطانية الشهير “ماثيو بولتون” (١٧٢٠-١٨٠٩م) من ألم شديد بالأسنان “يشبه المسّ الكهربائي” يمتد لقمة الرأس، وإبان زيارتها لطبيب الأسنان قام بخلع السن الأمامي المُتسبب في الوجع تاركًا مكانه فراغًا، وحيث إنه في ذلك العصر كانت تعرّف معايير الجمال بأن “العين مرآة الروح والأسنان مرآة الصحة”، استشعر بولتون ذلك – فابنته معرضة لخطر العنوسة أحد هواجس ذلك العصر – واستشار رفيقه طبيب الأسنان في البلاط الملكي “تشارلز دوميرج” الذي أبلغه أن حل المعضلة بأن يستزرع لها سنًا مبتاعًا من شخص آخر بتكلفة تُقدر بـ ١ جنيه إسترليني؛ حيث قامت فتاة في ذات عمر ابنته – ١٩ عامًا – بالتبرع بسن مماثل من فمها لزرعه في فم ابنته.
فالصحف في ذلك الوقت كانت تمتلئ بالدعايات تطلب متبرعين للأسنان بمبالغ مجزية، على أن يقوم المتبرع بخلعها على نفقته، فتجد البعض يقوم بخلعها بنفسه بأي أداة حديدية يجدها كمفتاح مثلًا، فيتم فحص السن عند تسليمه والتأكد من خلوه من أي كسور ثم يتم وضعه في فم المتبرع له بوضعه في ذات مكان السن المفقود، وتثبيته بأسلاك من الفضة معقودةً عليه بإحكام.
يُذكر أن العلاج من هذا النوع قد لاقى عزوفًا بعد ذلك الحين بسبب الأمراض المعدية المنتقلة من الأسنان المستزرعة التي أفنت العديد من أثرياء ذلك العصر، وأيضًا بسبب ظهور تركيبات البورسيلان قُرب نهاية القرن ذاته.