المقالات

لعبة الشطرنج الأمريكية الإيرانية في غزة

المُراقب الراصد للعلاقات الأمريكية الإيرانية يلحظ التواؤم والتناغم على الأرض بين أمريكا وإيران في كثير من المُقاربات والأحداث على مدى أربعين عامًا مضت تقريبًا، بما لا يصل إلى المواجهة الحقيقية بينهما، وفي ذات الوقت يتقاسمان الكعكة العراقية الدسمة، وتغض أمريكا الطرف عن عبث إيران بسوريا ولبنان، وتتدخل لصالح النفوذ الإيراني في اليمن؛ بالتعاون مع طرف خليجي يحتل أجزاء كبيرة من اليمن الجنوبي، ويسعى حاليًا للسيطرة على جزيرة (ميون) وسط باب المندب، كل ذلك بتنسيق مع اللاعب الأمريكي والإيراني والمستهدف في النهاية المملكة العربية السعودية، بيد أن الأحداث بين الطرفين موزونة بطريقة احترافية متقنة ولا يتفطن لها الكثير من المراقبين، ولنا أن نحصر أطراف الحديث هنا عن أطراف اللعبة في هذا الأوان حول الحرب في غزة، فإيران أعلنت منذ البداية عدم علمها بإجراءات الفصائل الفلسطينية في غزة، وفي ذات الوقت برَّأ بايدن إيران علنًا من التدخل في حرب غزة، وكافأها بالإفراج عن عشرة مليارات دولار من أرصدتها المجمدة، وليس من شك عن وجود استراتيجية أمريكية وغربية وصهيونية؛ للقضاء المبرم على فصائل المقاومة الغزاوية ، ولا بد من تبرير استمرار الهجوم الوحشي على غزة، في مقابل حفظ وجه إيران من خلال الإيعاز إلى عملائها في اليمن بإطلاق صواريخ ومسيرات نحو الكيان الصهيوني غير ذات بال، وتحرك محدود لعميل إيران في جنوب لبنان، كل ذلك بعلم وتنسيق مع أمريكا لذر الرماد في العيون، مما خُدع الفلسطينيون خصوصًا والعالم العربي عمومًا بدور إيران الريادي المزعوم في غزة، ويبرر في ذات الوقت الهجوم الصهيوني الصليبي الوحشي على غزة، وليس من شك أن تداعي الأساطيل الغربية على غزة لم يأتِ للنزهة وتدل مشاركة (بلينكن) في مجلس الحرب الصهيوني المتكرر مع هوسه بالحرب، دليل على إعطاء الضوء الأخضر للهجوم الصهيوني البربري على غزة، وهو دليل آخر على تورط أمريكا عسكريًا بقضها وقضيضها في هذه الحرب البربرية، ويأتي أخيرًا تحليق سلاح الجو البريطاني في سماء غزة، دليلًا على المستقبل الإجرامي الذي يبيته حلف الأطلسي لغزة من أجل القضاء المبرم على فصائلها العسكرية، والذي لا يفتأ نتنياهو من التذكير به في كل مناسبة، وتحاول أمريكا حاليًا الضغط على مصر؛ خصوصًا لقبول استقبال اللاجئين الفلسطينيين ولو إلى حين، من أجل تدمير غزة وتسويتها بالأرض، ودفن الفصائل الفلسطينية تحت الأرض، وتدل مشاركة سلاح الجو البريطاني بالتحليق في سماء غزة أخيرًا.. بإجراء البروفات لاستعداد حلف الأطلسي (النيتو) لما بعد تهجير سكان غزة بالقوة إلى مصر أو إلى الضفة الغربية ….
وأقل ما يجب على العرب يتمثل في رفضهم قبول تهجير غزة، والتفاهم مع الطرف الأمريكي بأن تدمير غزة ليس حلًا، ولن يتحقق ذلك مطلقًا، ولن تكون هجمات عملاء إيران المحدودة والمخادعة المبرر المنطقي للتغطية على تدمير القطاع المزدحم بالسكان ، ومن الخيرِ للطرف الفلسطيني واليهودي على السواء العودة إلى المفاوضات الجادة؛ لتطبيق المبادرة السعودية ثم العربية؛ وذلك بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة في عام ١٩٦٧م؛ وبهذا تطوى صفحة الصراع بين الطرفين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى