عام

إعلان “الدوحة”.. واجتماع مجلس التنسيق “السعودي القطري”.. حراك كبير لتعزيز العمل الخليجي المُشترك

مسيرة طويلة وحافلة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومُنجزات مشهودة له منذ إنشائه، ومنذ انطلاقته الأولى، والتي تمّت خلال الدورة الأولى لأعمال القمة الخليجية التي عقدت في مايو 1981م، بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي كانت برئاسة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله -، وتمَّ خلالها الاتفاق على إنشاء “مجلس التعاون لدول الخليج العربية”، وتمَّ التوقيع على نظامه الأساسي، وعلى أن يقوده مجلس أعلى يتكون من رؤساء الدول الأعضاء، ويهدف المجلس لتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع المجالات، وصولًا إلى تحقيق وحدتها، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات، وتواصلت مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية المباركة، لتستضيف بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية أعمال الدورة الثانية للمجلس في 10 نوفمبر 1981م، برئاسة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله -، ولتضيف عددًا من القمم الخليجية الأخرى، وتؤدي أدوارًا محورية في أعمال هذا المجلس.
وعند انعقاد كل دورة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، يترقب العالم بأسره ما سيصدر منها من قرارات، وما ستخلص إليه من نتائج وتوصيات، ولتجيء الدورة الـ (44) للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية واجتماع الدورة السابعة لمجلس التنسيق السعودي القطري التي تمّت مؤخرًا، لتُشكّل إضافة مهمة لسلسلة نجاحات هذا المجلس، والتي رأس وفد المملكة فيها، سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله –، بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – رعاه الله -، واستجابة للدعوة الموجهة من صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، حيثُ ناقش “المجلس” في هذه الدورة، العديد من الملفات المهمة التي تهدف إلى تعزيز المشاريع الخليجية المشتركة، وتوطين رأس المال الخليجي وتكامل خارطة الصناعات الخليجية، ومشاريع الأمن المائي والغذائي وأمن الطاقة، والتعامل مع التحديات البيئية، وتفعيل دور القطاع الخاص الخليجي، والدفع بمتطلبات التحوّل الرقمي والذكاء الاصطناعي، وتعزيز أولويات التعاون والتنسيق السياسي والاقتصادي والتنموي والأمني والعسكري، ولتقوم الأمانة العامة عبر آليات متابعة العمل الخليجي المشترك؛ بمتابعة هذه الملفات الحيوية والمهمة.
وممَّا عزّز من نجاحات هذه الدورة الـ”44″، انضمام فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية لقادة الدول في صالون الاستقبال، بعد انتهاء الجلسة الأولى؛ حيث رحّب البيان الختامي عن المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لأعمال دورته الـ 44، الصادر عقب انتهاء أعمال الجلسة الثانية، بمشاركة فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية، ضيفًا كريمًا على الدورة (44) للمجلس الأعلى، وما تم خلال اللقاء من بحث للقضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي على غزة، ومناقشة سبل تعزيز أواصر التعاون القائم بين الجانبين في إطار الحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون والجمهورية التركية؛ حيث تم الاتفاق على أهمية تنفيذ خطة العمل المشترك وتوسعة نطاقها والانطلاق بالشراكة التي تجمع الجانبين إلى آفاق أرحب.
كما شهدت العاصمة القطرية الدوحة، المزيد من الحراك، حيث ترأس سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، اجتماع الدورة (السابعة) لمجلس التنسيق السعودي – القطري، الذي استعرض أوجه العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، كما جرى تناول مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها، كما شهد سمو سيدي ولي العهد وسمو أمير دولة قطر تبادل لعدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائية بين البلدين.
البيان الختامي عن المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لأعمال دورته الـ 44 في الدوحة، جاء شاملًا وتضمّن العديد من الأحداث، ومنها إشادته بقرارات “القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني”، التي استضافتها المملكة العربية السعودية في 11 نوفمبر 2023م، كما رحّب المجلس الأعلى بنتائج منتدى الرياض الدولي الإنساني في دورته الثالثة، الذي نظمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بالشراكة مع الأمم المتحدة، بشأن تعزيز العمل الإنساني الجماعي وتقديم المساعدات التنموية العاجلة، ونوه المجلس الأعلى بالتقدم الذي تحققه المملكة العربية السعودية في إطار برنامج المملكة لرواد الفضاء، واستكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، وبارك “المجلس الأعلى” فوز المملكة العربية السعودية باستضافة إكسبو 2030، وأعرب عن دعمه لاستضافة المملكة العربية السعودية لبطولة كأس العالم لكرة القدم في العام 2034. كما اطلع المجلس الأعلى على تقرير الأمانة العامة بشأن التقدم المحرز في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لتعزيز العمل الخليجي المشترك، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـسادسة والثلاثين في ديسمبر 2015م، ووجّه المجلس الأعلى الهيئات والمجالس واللجان الوزارية والفنية، والأمانة العامة وكافة أجهزة المجلس بمضاعفة الجهود لاستكمال ما تبقى من خطوات لتنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين، وفق جدول زمني مُحدد ومتابعة دقيقة، وكلف المجلس الأمانة العامة برفع تقرير مفصل بهذا الشأن للدورة القادمة للمجلس الأعلى.
“الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد”، مقترح تقدّم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حينما دعا – رحمه الله -، قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى تجاوز مرحلة “التعاون” إلى مرحلة “الاتحاد”، وذلك في الكلمة السامية التي ألقاها – طيب الله ثراه -، في افتتاح اجتماعات الدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي عدت في الرياض في محرم 1433هـ، والتي وضعها “المجلس الأعلى” ضمن أجندته في هذه الدورة. كما أصدر “المجلس” قرارات متعلِّقة ببعض القضايا الإقليمية والدولية، منها الوضع في غزة، والقضية الفلسطينية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، والاحتلال الإيراني للجزر الثلاث التابعة للإمارات العربية المتحدة، وحقل الدرة، أكد المجلس الأعلى مواقفه وقراراته الثابتة بشأن العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، واليمن، والمغرب، والعراق، وسوريا، ولبنان، وليبيا، والسودان، وأفغانستان، والأزمة بين روسيا وأكرانيا، تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول والمجموعات الأخرى.
وهكذا.. تؤكِّد القمم الخليجية المُتعدِّدة والمتتالية، إسهامات المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الكبيرة في تعزيز العمل المشترك، وحرص قادة دول الخليج العربية الكبير على وحدة الصف، ووقايته من بعض التحديات الخارجية التي تواجه دول المجلس والمنطقة، كما أن انعقادها في ظل كثير من الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم، دليل راسخ على الأهمية البالغة التي يوليها قادة دول المجلس لتعميق الترابط والتعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، وإيجاد آفاق جديدة للمواطن الخليجي، كما تُرسِّخ أدوار بلادنا الغالية الفاعلة، في دعم مسيرة التعاون الخليجي، وفق استراتيجية لتحقيق التكامل المنشود بين الدول الأعضاء.
والله ولي التوفيق،،،

* المُلحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى تركيا ودول الإشراف

د.م فيصل بن عبدالرحمن أسره

أستاذ الهندسة البيئية والمياه المشارك، بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى