المقالات

الأمانة والتشوه البصري

تحت عنوان (أمانة جدة تُوقع اتفاقية استبدال الأطباق الهوائية بمنصة stc tv) نشرت صحيفة عكاظ خبرًا بتاريخ ٨ ديسمبر، يقول الخبر بأنه (في إطار السعي لتحسين المشهد الحضري والحد من التشوه البصري في المدن، وقعت أمانتا محافظة جدة والعاصمة المقدسة اتفاقية مع شركة «stc» لإطلاق مبادرة لاستبدال الأطباق الهوائية بمنصة «stc tv»، وتهدف المبادرة إلى إزالة الأطباق الهوائية من واجهات وأسطح المباني، كونها تُشكل عنصر تشوه للمنظر العام، في حين ستُساهم في تعزيز جمالية المدن، وتشجيع المواطنين والمقيمين على المشاركة في الحفاظ على المظهر الحضاري لها) انتهى الخبر ..
حسنًا فعلت أمانة جدة، ونحن نؤيدها على هذه الخطوة الحضرية الرائعة بالرغم مما تحويه من هدف مادي لا يخفى على الناس ممن سيستفيدون من الخدمة لاحقًا..
أقول: خطوة ممتازة وفي المسار الصحيح، ولكن وآه من لكن، هل أمانة جدة الموقرة لا تُشاهد من التشوهات البصرية إلا الأطباق الهوائية على أسقف المباني المحجوبة أصلًا بسترة السطوح؟!
لماذا لا تلتفت الأمانة للتشوهات البصرية الحقيقية والمزعجة التي تؤرق الناس وتسبب لهم الأضرار الصحية والمالية؟؟
وإذا كانت الأمانة لا تعرف تلك التشوهات البصرية، فسوف أتبرع بذكر بعضها، وهي حالة ووضع شوارع الأحياء وما تحتوي عليه من تكسر الأسفلت وكثرة الحفر والمطبات الطبيعية والصناعية، والنتوءات والبروزات، وارتفاع أو انخفاض الأغطية المعدنية للحفريات عن مستوى أسفلت الشارع، مما يُسبب تلفيات لجميع السيارات العابرة للطريق، هذا فضلًا عما تسببه من أضرار صحية لمن لديه عمليات جراحية أثناء العبور من تلك الشوارع المهترئة، وأضيف إلى تلك التشوهات البصرية التي لا تراها الأمانة، تواجد شاحنات الصرف الصحي التي تجوب شوارع جدة ليلًا ونهارًا، ناثرة خلفها آثار القذارة والنتانة تسربًا ورائحة، جدة بوابة الحرمين الشريفين ومركز عالمي لاستقبال الوافدين والزوار من جميع أنحاء العالم حجاجًا ومعتمرين وسُياح، جدة عروس البحر الأحمر التي ليس لها من صفات العروس إلا المسمى فقط، جدة ثاني أكبر مدينة سعودية بعد العاصمة الرياض، ومع ذلك شوارعها وبالأخص شوارع الأحياء تئن من كثرة آلامها ومشاكلها التي لا تنتهي، أضف إلى ذلك للمرة الثالثة بقاء حاويات الزبالة في شوارع الأحياء باليوم واليومين مملوءة بالفضلات دون تفريغ، كل هذه الملاحظات وأكثر تجدها الأمانة وتراها رأي العين في الأحياء، ومع ذلك لم تصنفها ضمن تحسين المشهد الحضري والحد من التشوهات البصرية !!!
طبعًا السبب واضح، وهو أن الأمانة تتجاهل تلك المناظر لكونها تقع تحت مسؤوليتها، وبالتالي لا يروق لها تصحيح أخطاء التنفيذ الناتجة عن المقاولين التابعين للأمانة والمتعاقدين معها في تنفيذ المشاريع ..
الدولة -رعاها الله- تخصص وتدفع الأموال الضخمة لأمانات المدن من أجل تنفيذ الأعمال بالشكل الصحيح، ومع ذلك مازلنا نرى خللًا في التنفيذ، وخللًا أيضًا في معالجة الخلل؛ وذلك عندما نرى إعادة ترميم أي شارع أكثر من مرة، ثم لا يلبث أن يعود كما كان وأسوأ، نتيجة لسوء التنفيذ ورداءة العمل، من قبل بعض المقاولين الذين لا يهمهم إلا قبض المستحقات، بصرف النظر عن جودة العمل، وقبل الختام أود أن أطرح هذا السؤال على الأمانة:-
لو تمَّ التعامل بالمثل وفرضت جهة رقابية مخالفات على الأمانة بسبب التشوه البصري الملاحظ في الشوارع فما هو موقفها ؟؟
وفي هذه الحالة، فإنه من حقنا كمواطنين أن نُطالب بعودة المجلس البلدي كجهة رقابية على عمل الأمانات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى