المقالات

بين تونس والسعودية تبادل ثقافي ومسرحي

يقول المفكر والفيلسوف ابن رشد إن “للأفكار أجنحة تطير بها لأصحابها”، فالأفكار التي تظهر الرقي الثقافي للمجتمع تستطيع الانتشار من خلال مد الجسور الثقافية بين البلدان، وهذا ما تسعى إليه مملكتنا الحبيبة التي سخّرت جهودها في المجال الثقافي بما يتوافق مع رسالة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) التي تعد السعودية عضواً مؤسسا فيها وفي مجلسها التنفيذي أيضًا .
ولأن الجمهورية التونسية تتميز بموقع ثقافي وحضاري مرموق، ووفقاً للبرنامج التنفيذي الموقع بين كل من السعودية وتونس في المجال الثقافي، ستحل تونس الخضراء ضيف شرف الدورة الأولى لمهرجان الرياض للمسرح من خلال حضور ثقافتها وفنونها والتي تعطي أيضا نظرة شاملة على المسرح التونسي.
ربما يتساءل البعض “لماذا تونس دون غيرها؟”، فتونس تُعد من الدول المغاربية البارزة في مجال المسرح كتابة وتأليفًا وتمثيلًا وإخراجًا ونقدًا، وقد شهد المسرح التونسي طوال تاريخه مجموعة من المراحل الفنية والجمالية والدرامية الأساسية، كما شهدت انفتاحًا فكريًا غير مسبوق لتأثرها بالثقافة الغربية، وعرفت تلك البلاد المسرح منذ القدم، فالمسارح الرومانية كمسرح قرطاج خير شاهد على ما مضى.
أما في العصر الحديث، فتعتبر التجربة المسرحية في تونس تجربة ريادية مميزة وخاصة، فهي ذات طابع متفرد وناضج فكريًا وثقافيًا، فقد دخل المسرح بشكله العصري إليها عن طريق الفرق الإيطالية والفرنسية التي كانت تجوبها زمن الانتداب الفرنسي.
تشارك تونس في المهرجان في إطار الروابط التاريخية والعلاقات الأخوية المتينة ما يعكس التبادل والتعاون الثقافي بين البلدين بمشاركة المواهب والمبدعين من فناني تونس بالإضافة إلى عرض مسرحية “مايراوش” للمخرج محمد منير العرقي، وهي مسرحية عرائسية للكبار مدتها 75دقيقة.
إن هذه الاستضافة تؤكد الانفتاح الواعي للمملكة والمسؤول على مختلف ثقافات العالم، دون إهمال الخصوصية المجتمعية التي تم تشريكها في هذه النهضة الثقافية الشاملة التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة.
فالسعودية اليوم من خلال حراكها الثقافي الممتد إلى الدول العربية الأخرى هي حاضنة للثقافة، والداعم الأقوى لها، ومن
دون أدنى شك، إن مد الجسور الثقافية بينها وبين الدول الأخرى كتونس على سبيل المثال لا الحصر، لهو دليل على حرصها في استدامة على الكيان الثقافي العربي عامة، والمسرحي على وجه الخصوص ضمن إطار الوحدة والتنوع، ويؤكد عملها على الارتقاء بالوجه الثقافي العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button