تسعى المملكة العربية السعودية دائمًا إلى صناعة جودة الحياة على أرضها لشعبها وللمقيمين على أرضها وزوَّارها من حجاج ومعتمرين ولخدمة السياحة والترفيه؛ بالتحول بأسلوب الحياة من الطريقة التقليدية إلى الطريقة الحديثة عبر استخدام التقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي الذكاء الذي يُمثل “النفط الجديد” لخير الإنسانية لأهميته لجوانب الحياة ووظائفها الحالية والمستقبلية، لتحقيق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
وكان هذا من ضمن تصورات الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين لفترة حكمه؛ حيث قال: “هدفي الأوَّل أن تكون بلادنا نموذجًا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك”. وعزز ذلك سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء بقوله: “دائمًا ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى هي تلك التي تُبنى على مكامن القوة.” والتي جسدها برؤية 2030 الطموحة لقيادة المملكة نحو المستقبل لتحقيق المكانة المميزة والفريدة والقوية عالميًا.
وهذا يتم بالتحوَّل نحو الحكومة الإلكترونية عبر التحول الرقمي الحكومي باستخدام الذكاء المعتمد على الحاسب، وما أدى إليه من تطور في مجال الحوسبة الإدراكية، علم الروبوتات، إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي. وقد كان ذلك واضحًا من خلال القمة العالمية للذكاء الصناعي المنعقدة في الرياض يوم 14 سبتمبر 2022 بالاتفاقيات المتنوعة لمختلف وزارات الدولة لتوظيف الذكاء الاصطناعي فيها. وتعمل الشركة السعودية للذكاء الصناعي «سكاي»، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة لتطوير البنية التحتية للذكاء الصناعي وقدرات الحوسبة الفائقة اللازمة لتشغيل الجيل القادم من التطبيقات. لتطوير قطاع التقنية، والمساهمة في تعزيز مكانة المملكة كرائدة عالميًا في التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي من خلال حلول مبتكرة تدعم تحول مختلف القطاعات، جنبًا إلى جنب الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) لقيادة التوجه الوطني للبيانات والذكاء الاصطناعي؛ لتحقيق تطلعات الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة «سدايا»، ومستهدفات «رؤية 2030»، والعمل على تطوير الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي من أجل توحيد الجهود وإطلاق المبادرات الوطنية في البيانات والذكاء الاصطناعي، وتحقيق الاستفادة المثلى منهما؛ واستقطاب الأشخاص المؤهلين لقيادة التحوّل نحو اقتصاد وطني قائم على البيانات والذكاء الاصطناعي معًا.
ولذلك “نجد أن المملكة قد حققت المركز الأول عربيًا، والمركز 22 عالميًا في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي، مقارنة بالمركز 29 عالميًا من العام الماضي، كما نالت المملكة المركز الثاني عالميًا في معيار الاستراتيجية الحكومية، والمركز التاسع عالميًا في معيار البيئة التشغيلية. جاء ذلك في تقرير مؤشر تورتويس انتليجينس “Intelligence Tortoise،” الذي يقيس أكثر من 143 مقياسًا لمستوى الاستثمار والابتكار وتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر عدة معايير كقوة البنية التحتية والبيئة التشغيلية والبحث والتطوير وغيرها”.
كما أنه هناك إنجازات للمملكة في مجال الذكاء الاصطناعي منها ما سبق ذكره ومنها أيضًا “الإعلان عن مدينة نيوم شمال غرب المملكة والتي ستُقام على مساحة 26 ألفًا و500 كيلومتر مربع، وتمتد إلى أراضي الأردن ومصر.. هذه المدينة وغيرها تؤكد على عزم المملكة في دعم الصناعة بمختلف أشكالها، ويبلغ حجم الاستثمارات المقدرة لمدينة نيوم 500 مليار دولار وتشغيلها بمختلف أنواع التقنية الذكية لتأتي هذه المدينة متوافقة مع رؤية 2030 والتي تقوم على تحفيز الابتكار وجذب الأفكار والاستثمارات الخاصة بالتقنيات الصناعية الحديثة”.
كما كانت هناك المشاركة في النسخة الأربعين من معرض جيتكس الأربعين في دبي كإحدى الفعاليات الرائدة عالميًا للتقنيات الرقمية لإبراز جهود المملكة في الذكاء الاصطناعي، واستثمار المليارات في ذلك، وإنشاء الشركات المتعلقة بذلك المجال مما حقق المليارات من الوفورات المالية من الالتزام به، هذا بالإضافة إلى تأهيل المتخصصين بمجال البيانات والذكاء الاصطناعي، وتوفير الفرص الوظيفية فيها وتوقيع الاتفاقيات الدولية لخدمة ذلك، لتوفير الإمكانات المتعلقة بالقدرات الاستشرافية، وتعزيزها بالابتكار المتواصل في مجال الذكاء الاصطناعي.
كما أن هناك الكثير من التوجهات المستقبلية للمملكة بمجال الذكاء الاصطناعي ودعمها بالتشريعات والقوانين والأطر التنظيمية الأساسية من أجل حوكمة تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكذلك زيادة الاستثمارات النوعية المرتبطة بالابتكار والتقدم التكنولوجي والبحث العلمي؛ لتوفير كافة الخدمات عبر الذكاء الاصطناعي ودمجه في كافة مجالات الحياة. والاستمرار في تعليم وإعداد المبرمجين، وعقد الشراكات العالمية، والعمل على أن تصبح المملكة مركز الذكاء الاصطناعي في العالم بحلول عام 2030.
ونتج عن تفعيل ذلك انعكاسات اقتصادية على المملكة في مختلف المجالات كتقليل التكلفة، وتغيير أنماط الاستهلال والإنتاج، وتحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة للناتج المحلي الإجمالي عبر زيادة الاستثمار فيه، وخفض نفقات الحكومة بخفض الهدر في عدد المعاملات الورقية في إنجاز المعاملات الورقية وتوفير ملايين الساعات المهدرة سنويًا، وتحسين أداء المشاريع، وتقليص أعداد العمالة الوافدة مما سيؤدي إلى تعديل الخلل بهيكل التركيبة السكانية وسوق العمل، وتحسين أداء المشاريع وتقليل تكاليفها، وتوفير تكاليف النقل، وحماية البيئة من التلوث، ورفع جودة الإنتاج وهذا كله سيُمثل رافدًا مهمًا لبناء اقتصاد معرفي تنافسي عالي الإنتاجية وقائم على الابتكار والبحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة.
ويتم ذلك بالرعاية الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والإدارة التنفيذية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء-حفظهما الله-.
عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى
0