المقالات

حميد القريقري يعفو لـ (وجه الله)

لم أجد للأسف تفسيرا ًواضحاً، أو مبرراً كافياً لكل ماحدث في قضية القتل المعروفة والتي وقعت تفاصيلها المؤلمة في مدينة جدة للشاب الشهم أحمد بن حميد القريقري الحربي _ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته_ ولكن هي أقدار يصرفها المولى سبحانه وتعالى كيف يشاء في هذه الحياة الدنيا، والأهم من كل ذلك هو أخذ العبرة والعظة من مثل هذه المصائب المفجعة والتي تعترض الناس في حياتهم اليومية فما وقع في هذه الحادثة هو بالتأكيد صورة من صور الاعتداء على النفس المحرمة بشكل أو بآخر فالنهاية واحدة لتصرفات مؤسفة غير مسؤولة وحين تقع أحداثها لا ينفع الندم، ولا تُفيد الحسرة، ولا تجدي الغواية من نفس، أو تحريض من قرين، أو الإعجاب بقوة في الشخص نفسه، أو بمن حوله ففي نهاية المطاف سينال الجاني وحده العقاب الشرعي المنصوص عليه في محكم التنزيل تنفذه الجهات المعنية لدولة _ وفقها الله_ تطبق الأحكام الشرعية من خلال محاكمها الشامخة في أرجاء المملكة العامرة.

وفي ساحة القصاص المهيبة حيث يُنفذ شرع الله العظيم.. {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} سورة البقرة آية (179) فحينها توقفت مُجمل الأنفاس، وتلاشت مختلف الأصوات، وانتهت جميع المبررات، وسكتت كل الرجاءات، وحل الندم والحزن والأسى على من يهمه الأمر وكأن لسان الحال يقول: ياليت ماحصل ما كان ولكن قدر الله وماشاء فعل، واقتصر هناك المشهد المهيب كاملاً في تلك الساحة مابين السياف والسيف، ومابين الجاني ونظرات والد المجني عليه، وما يدور في جوفه من ابن فاضت روحه بلا أي ذنب يذكر، ومابين توسلات تلك الأم المفجوعة لفقد ولدها، ومن يلوم تلك الأم الحنونة والمتأملة لآخر لحظة ممكنة في العفو المرجو عن ابنها وكأن حميد بن رجاح القريقري تتزاحم تلك النداءات في مسامعه، ويطلب فقط الهداية والتوفيق والثبات من الله وحده في أمره فيقرر ويصدر عفوه في الحال لوجه الله تعالى ثم لأجل تلك الأم الحزينة بعد أن همس بكلمات مؤثرة في أذن الجاني، ويقدم درساً من دروس فضل باب الرحمة ويتذكر الأجر والثواب، ويتذكر حديث الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: (الراحمون يرحمهم الرحمن).

إن الجميل من تفاصيل هذه القصة وعلى الرغم من ألمها الكبير تصرف الأب المعطاء حميد بن رجاح القريقري الحربي وبتوفيق من الله تعالى وبعد نبأ وفاة ابنه الشاب أحمد قيامه يإنشاء مسجد باسمه، كما يحسب له عدم القبول بتاتاً بأي مبلغ مالي ولو كان بعشرات الملايين من الريالات فمن المؤكد أنها عرضت عليه عبر آخرين بطريقة أو بأخرى. ومن المأمول أيضاً من الشاب مترك بن عايض المسردي القحطاني بعد التوبة إلى الله من ذنبه هو الاستفادة العميقة من هذه الحادثة، والاتعاظ منها بالبعد عن الظلم والعدوان:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } سورة الحجرات( آية 10)، وهي رسالة لكل شاب مسلم يؤمن بالله العلي العظيم أن يبتعد كل البعد عن مسالك العدو المبين الشيطان الرجيم: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ)” المائدة :91″. نسأل الله سبحانه الهداية والصلاح لنا ولجميع المسلمين والمسلمات. ورحم الله الابن الفاضل أحمد وغفر له.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بارك الله فيكم استاذ عبدالرحمن على هذه الكلمة الطيبة وآمل في مقالات قادمة ان تسلط الضوء على العنف عند الشباب وسبل تجنب عواقبه وضبط الاسلحة والخروج بتوصيات مفيدة. شخصياً فقد شكرت بتغريدة الشيخ حميد على موقفه الشهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى